أنشدني أبو المغيث منقذ بن مرشد ، أنشدني أبو سلامة ، أنشدت (١) أخي أبا المرهف قول الشاعر :
كنت أستعمل السواد من الأمشاط |
|
والشّعر في سواد الدياجي |
أتلقّى مثلا بمثل فلما |
|
صار عاجا سرّحته بالعاج |
فلما كان من غد أنشدني لنفسه :
كنت أستعمل البياض من الأمشاط |
|
عجبا بلمتي وشبابي |
فاتّخذت السواد في حالة الصبا |
|
سلوا عن الصّبا بالتصابي |
حدّثنا أبو عبد الله بن منده ، قال : لم يكن الغدر يعرفه أهل الشام ، فوفد أبو مسلم بن سليمان على والي حلب ظنا منه أن الناس كانوا كما يعهد فقبضه وحبسه وضيق عليه ، وقال : تسلم إليّ المعرّة ، فقال : أنا واحد من ثناة (٢) المعرة ، فقطع عليه خمسة آلاف دينار ، ولم يكن يعرف في الشام غير ذهب مصر ، فكتب إلى عميّ عزّ الدولة أبياتا وكان فقيرا لكثرة صلته الناس :
أيا نصر يا ابن الأكرمين ومن |
|
ملك البلاد ... (٣) الفجر |
أهذا كتاب من أخ ثقة |
|
يشكو إليك نوائب الدهر |
فامنن بما أوليت من حسن |
|
هذا أوان النفع والضرّ |
فنقد إليه ستة آلاف دينار ، فخلّص نفسه بخمسة آلاف وفضل له ألف دينار ، ولما توفي وجد في خريطته ثبت من ينقذ له كلّ سنة ما يمونه ، فكان فقراء في مصر وفقراء في مكة ، والمدينة ، وبغداد ، وأصبهان ، وخراسان ، وبلاد الساحل ، ودمشق ، وحلب ، فكان جملة ما يخرجه عليهم من الصدقة كلّ سنة من العين عشرين ألف دينار ، ومات ؛ وقد أخرج كلّ ما خلّفه والده ، ومغل (٤) كفرطاب وأفامية وعزاز (٥) وأسفونا (٦) وشيزر ، وحماة ، والحبس (٧) ،
__________________
(١) الأصل وم ، و «ز» : أنشدني ، والمثبت عن المختصر.
(٢) كذا رسمها بالأصل وم و «ز».
(٣) رسمها بالأصل : بطارفق ، وفي م و «ز» : بطارمق.
(٤) كذا رسمها.
(٥) رسمها بالأصل وم و «ز» : وعلاز ، ولعل الصواب ما أثبت : عزاز ، وهي بليدة فيها قلعة ولها رستاق شمالي حلب بينهما يوم (معجم البلدان).
(٦) أسفونا بالفتح ثم السكون وضم الفاء وسكون الواو : اسم حصن كان قرب معرة النعمان بالشام (معجم البلدان).
(٧) كذا رسمها بالأصل وم ، وتقرأ في «ز» : والحبس ، راجع معجم البلدان ٢ / ٢١٥.