عيسى ابن مريم ، قال الشيخ : فكيف كان الأمر؟ قال القس : إنّ يحيى بن زكريا أغطس عيسى ابن مريم بالأردن غطسة ، ومسح برأسه ودعا له بالبركة.
قال الشيخ : واحتاج عيسى إلى يحيى يمسح رأسه ويدعو له بالبركة؟ فاعبدوا يحيى ، يحيى خير لكم من عيسى إذا ، قال : فسكت القس واستلقى بشير على فراشه ، وأدخل كمه في فيه وجعل يضحك ، وقال للقسّ : قم خزاك الله ، دعوتك لتنصّرنّه فإذا أنت قد أسلمت؟!
ثم قال : إنّ أمر الشيخ بلغ الملك فبعث إليه فقال : ما هذا الذي قد بلغني عنك وعن تنقصك ديني ووقيعتك ، قال الشيخ : إنّ لي دينا كنت ساكتا عنه ، فلمّا سئلت عنه لم أجد بدا من الذبّ عنه ، قال الملك : فهل في يديك حجج؟ قال الشيخ : نعم ، ادعوا لي من شئت يحاجني (١) ، فإذا كان الحقّ في يدي فلم تلمني عن الذبّ عن (٢) الحقّ ، وإن كان الحق في يديك رجعت إلى الحق ، فدعا الملك بعظيم النصرانية ، فلمّا دخل عليه سجد له الملك ومن عنده أجمعون قال الشيخ : أيها الملك ما هذا؟ قال الملك : هو رأس النصرانية ، هو الذي تأخذ النصرانية دينها عنه. قال الشيخ : فهل له من ولد أم هل له من امرأة؟ أم هل له عقب؟ قال الملك : ما لك أخزاك الله ، هو أزكى وأطهر من أن يتدنس بالنساء ، هذا أزكى وأطهر من أن ينسب إليه ولد ، هذا أزكى وأطهر من أن يتدنس بالحيض ، هذا أزكى وأطهر من ذلك ، قال الشيخ : فهل أنتم تكرهون لآدمي يكون فيه ما يكون من بني آدم من الغائط والبول والنوم والسهر؟ وبأحدكم من ذكر النساء؟ وتزعمون أنّ ربّ العالمين سكن في ظلمة البطن ، وضيق الرحم ، ودنس بالحيض ، قال القس : هذا شيطان من شياطين العرب رمى به البحر إليكم فأخرجوه من حيث جاء ، وأقبل الشيخ على القس فقال : عبدتم عيسى ابن مريم إنّه لا أبّ له ، فهذا آدم لا أب له ولا أم ، خلقه الله بيده ، وأسجد له ملائكته ، فضمّوا (٣) آدم مع عيسى حتى يكون لكم إلهين اثنين ، وإن كنتم إنّما عبدتموه [لأنه أحيا الموتى ، فهذا حزقيل تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل لا ننكره نحن ولا أنتم مرّ بميت فدعا الله عزوجل فأحياه حتى كلمه فضموا حزقيل مع عيسى حتى يكون لكم ثالث ثلاثة ، وإن كنتم عبدتموه](٤) أنه أراكم العجب فهذا يوشع بن نون ، قاتل قومه حتى غربت الشمس فقال : ارجعي بإذن الله ، فرجعت
__________________
(١) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المختصر : يحاججني.
(٢) الأصل وم و «ز» : على.
(٣) بالأصل وم : فضعوا ، والمثبت عن «ز».
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك عن «ز».