اثني عشر برجا فضموا (١) يوشع بن نون مع عيسى ليكون لكم رابع أربعة ، وإن كنتم إنما عبدتموه لأنه عرج به إلى السماء فثم ملائكة مع كل نفس اثنين بالليل واثنين بالنهار يعرجون إلى السماء ما لو ذهبنا نعدهم لالتبس (٢) علينا عقولنا ، واختلط علينا ديننا ، وما ازددنا في ديننا إلّا تحيّرا ، ثم قال له : أيها القس ، أخبرني عن رجل حلّ به الموت ، الموت أهون عليه أو القتل؟ قال القس : القتل ، قال : فلم لم يقتل ـ يعني مريم ـ لم يقتلها؟ فما برّ أمّه من عذبها (٣) بنزع النفس قال القس : اذهبوا به إلى الكنيسة العظمى ، فإنه لا يدخلها أحد إلّا تنصّر ، قال الملك : اذهبوا به إلى الكنيسة ، قال الشيخ : ما ذا يراد بي؟ يذهب بي ولا حجة عليّ دحضت (٤) حجتي؟ قال الملك : لن يضرّك إنّما هو بيت من بيوت ربك يذكر الله فيه ، قال الشيخ : إن كان هذا فلا بأس. قال : فذهبوا به ، فلمّا دخل الكنيسة وضع (٥) إصبعيه في أذنيه ورفع صوته بالأذان ، فجزعوا لذلك جزعا شديدا ، وصرخوا ، ولبّبوه ، وجاءوا به إلى الملك. فقال : أيها الملك أين ذهب بي؟ قال : ذهبوا بك إلى بيت من بيوت الله لتذكر فيه ربك ، قال : فقد دخلت وذكرت فيه ربي بلساني وعظّمته بقلبي ، فإن كان كلما ذكر الله في كنائسكم يصغر دينكم فزادكم الله صغارا. قال الملك : صدق ولا سبيل لكم عليه ، قالوا : أيها الملك لا نرضى حتى تقتله ، قال الشيخ : إنّكم ما قتلتموني ، فبلغ ذلك ملكنا وضع يده في قتل القسيسين والأساقفة وخرّب الكنائس وكسر الصلبان ومنع النواقيس قال : فإنه يفعل؟ قال : نعم ، فلا تشكوا ، ففكروا في ذلك فتركوه.
قال الشيخ : أيها الملك ما عاب أهل الكتاب على أهل الأوثان؟ قال : بما عبدوا ما عملوه بأيديهم ، قال : فهذا أنتم تعبدون ما عملتم بأيديكم ، هذا الذي في كنائسكم فإن كان في الإنجيل فلا كلام لنا فيه ، وإن لم يكن في الإنجيل فلا [تشبه دينك بدين أهل الأوثان. قال الملك : صدق ، هل تجدون في الإنجيل؟ قال القس : لا ، قال : فلم تشبه ديني](٦) بدين الأوثان قال : فانتقض الكنائس ، فجعلوا ينقضونها ويبكون. قال القس : إن هذا شيطان من شياطين العرب ، رمى به البحر إليكم فأخرجوه من حيث جاء ، ولا يقطر من دمه قطرة في بلادكم فيفسد عليكم دينكم ، فوكلوا به رجالا فأخرجوه إلى ديار دمشق ، ووضع الملك يده
__________________
(١) الأصل وم : فضعوا ، والمثبت عن «ز».
(٢) في «ز» : لا التبس.
(٣) بدون إعجام بالأصل وم ، أعجمت عن المختصر ، وفي «ز» : عذابها.
(٤) في المختصر : تغصب.
(٥) الأصل : ضع ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٦) مطموس بالأصل ، والمستدرك بين معكوفتين لتقويم المعنى عن «ز» ، وم.