عليه في داره ، وإذا هو في ظل غلولة من قصب في يوم شديد الحر ، قال : فجلسنا إليه ، فكان أوّل شيء تكلم به قال : إنّي احتسبت (١) عند الله أني أصبحت ساخطا على أحياء قريش ، وإنّكم معشر العرب كنتم على الحال التي قد علمتم من جهالتكم من القلة والذلة والضلالة ، وإنّ الله نعشكم (٢) بالإسلام ، وبمحمّد صلىاللهعليهوسلم ، حتى بلغ بكم ما ترون ، وإنّ هذه الدنيا هي التي أفسدت بينكم ، وإنّ ذلك الذي بالشام والله ما يقاتل إلّا على الدنيا ، وإنّ الذين حولكم الذين تدعونهم قراءكم والله ما يقاتلون إلّا على الدنيا ، قال : فلما لم يدع أحدا قال له أبي : فما تأمر إذا؟ قال : لا أرى خير الناس اليوم إلّا عصابة مكيدة ، خماص البطون من أموال الناس ، خفاف الظهور من دمائهم ، فقال له أبي : حدّثنا كيف يصلي رسول الله صلىاللهعليهوسلم المكتوبة؟ قال (٣) : كان يصلي الهجير الذي تدعونها الأولى حين تدحض (٤) الشمس ، قال : وكان يصلي العصر ثم يرجع أحدنا (٥) إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية ، قال : ونسيت ما قال في المغرب ، قال : وكان يستحب أن يؤخّر العشاء التي تدعونها العتمة ، وكان يكره النوم قبلها ، والحديث بعدها ، قال : وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه ، وكان يقرأ بالستين إلى المائة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر محمّد بن أحمد ، أنا أبو القاسم هبة الله بن إبراهيم ، أنا أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، نا محمّد بن أحمد بن حمّاد ، نا (٦) ابن سويد الرملي أخو علي الكاتب ، نا سيّار ، عن جعفر ، نا ثابت قال :
كان أبو برزة يلبس الصوف ، وكان عمران بن حصين يلبس الخزّ ، فقال رجل لعمران ابن حصين : إنّ أبا برزة يلبس الصوف ، فقال : وأين مثل أبي برزة ، قال : ثم جاء إلى أبي برزة فقال : إن عمران بن حصين يلبس الخزّ ، فقال : أين مثل أبي نجيد.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا
__________________
(١) غير واضحة بالأصل ، وفي م و «ز» : «أحتسب» والمثبت عن المختصر.
(٢) الأصل : يغشاكم ، وفي م : «يعشاكم» والمثبت عن «ز».
(٣) الأصل وم : «فان» والمثبت عن «ز».
(٤) تدحض الشمس : تزول.
(٥) الأصل وم و «ز» : إحدانا.
(٦) كذا بالأصل وم : «نا ابن» والكلام متصل ، وفي «ز» : «نا ... ابن» فراغ بمقدار كلمة ، وكتب على هامشها : بياض.