الله تعالى ورحمة اختص بها أُمّته على يديه.
الثالث : أنّه ثبت أنّ الله يعفو عن عصاة أُمّته ويرحمهم بسبب شفاعته.
الرابع : أنّه سأل الله أن يرفع عن أُمّته بعده عذاب الإستيصال ، فأجاب الله دعوته ، ورفع العذاب رحمة.
الخامس : أنّ الله وضع في شرعه الرّخص تخفيفاً ورحمة لأُمّته.
السادس : أنّه صلىاللهعليهوآله رحم كثيراً من أعدائه كاليهود والنصارى والمجوس ، برفع السيف عنهم ، وبذل الأمان لهم ، وقبول الجزية منهم.
وقال صلىاللهعليهوآله : «من آذى ذمّياً فأنا خصمه ومن كنت خصمه ، خصمته يوم القيامة» (١) ، ولم يقبل أحد من الأنبياء الجزية قبله.
السابع : إن الله تعالى أخّر عذاب من كذّبه إلى الموت ، أو القيامة كما قال الله تعالى : «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ» (٢) وكلّ نبيّ من الأنبياء قبله كان إذا كذب أهلك الله من كذّبه ، إلى غير ذلك من الوجوه التي لا تكاد تحصى كثرة.
وروي إنّه صلىاللهعليهوآله قال لجبرئيل لما نزل عليه بقوله تعالى : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» (٣) : هل أصابك من هذه الرحمة شيئ؟
قال : نعم كنت أخشى سوء العاقبة فأمنت إن شاء الله بقوله تعالى : «ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ» (٤) (٥).
قوله عليهالسلام : «اللّٰهُمَّ اقْسِمْ لَهُ مَقْسَماً مِنْ عَدْلِكَ» أي اللّهم بموجب عدلك إجعل له حظّاً وافراً ونصيباً كثيراً ، ومن هنا قال الله عزّوجلّ : «وَلَلْآخِرَةُ
__________________
١ ـ الجامع الصغير : ج ٢ ، ص ١٥٨.
٢ ـ الأنفال : ٣٣.
٣ ـ الأنبياء : ١٠٧.
٤ ـ التكوير : ٢٠ ـ ٢١.
٥ ـ مجمع البيان : ج ٧ ـ ٨ ، ص ٦٧ ، مع اختلاف يسير في العبارة.