(وَمِنْ خُطْبَةٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلٰامُ) (١)
أَرْسَلَهُ دٰاعِياً إِلَى الْحَقِّ ، وَشٰاهِداً عَلَى الْخَلْقِ فَبَلَّغَ رِسٰالٰاتِ رَبِّهِ غَيْرَ وٰانٍ وَلٰا مُقَصِّرٍ ، وَجٰاهَدَ فِى اللهِ أَعْدٰاءَهُ غَيْرَ وٰاهِنٍ وَلٰا مُعْذِّرٍ. إِمٰامُ مَنِ اتَّقىٰ ، وَبَصِيرَةٌ مَنِ اهْتَدىٰ.
قوله عليهالسلام : «أَرْسَلَهُ دٰاعِياً إِلَى الْحَقِّ ، وَشٰاهِداً عَلَى الْخَلْقِ» اقتباس من قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا» (٢) فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله يشهد على اُمته لمن يصدّقه ويكذّبه ، بل يشهد على جميع الاُمم السابقة بعد ما يشهد من أنفسهم شهيداً عليهم : قال الله تعالى : «فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا» (٣).
وفي الجميع : في تفسير هذه الآية : قال : إنّ الله يستشهد يوم القيامة كلّ نبيّ على اُمّته فيشهد لهم وعليهم ، ويستشهد نبيّنا صلىاللهعليهوآله على اُمّتهم.
وفي الآية مبالغة في الحثّ على الطاعة واجتناب المعصية والزجر عن كلّ ما يُستحىٰ منه علىٰ رؤوس الأشهاد ، لأنّه يشهد للإنسان وعليه يوم القيامة شهود عدول لا يتوقّف في الحكم بشهادتهم ولا يتوقّع القدح فيهم وهم الأنبياء والمعصومون والكرام الكاتبون والجوارح والمكان والزمان كما قال الله تعالى : «وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ» (٤). وقال تعالى : «مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ص ١٧٣ ، الخطبة ١١٦.
٢ ـ الأحزاب : ٤٥ ـ ٤٦.
٣ ـ النساء : ٤١.
٤ ـ البقرة : ١٤٣.