عُيُوبِهٰا ، إِذْ جٰاعَ فِيهٰا مَعَ خٰاصَّتِهِ ، وَزُوِيَتْ عَنْهُ زَخٰارِفُهٰا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ. فَلْيَنْظُرْ نٰاظِرٌ بِعَقْلِهِ أَكْرَمَ اللهُ مُحَمَّدًا بِذٰلِكَ أَمْ أَهٰانَهُ. فَإِنْ قٰالَ أَهٰانَهُ ، فَقَدْ كَذَبَ وَاللهِ الْعَظِيمِ وَأَتىٰ بِالْإِفْكِ الْعَظِيمِ ، وَإِنْ قٰالَ أَكْرَمَهُ ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهٰانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيٰا لَهُ ، وَزَوٰاهٰا عَنْ أَقْرَبِ النّٰاسِ مِنْهُ. فَتَأَسّىٰ مُتَأَسٍّ بِنَبِيِّهِ ، وَاقْتَصَّ أَثَرَهُ ، وَوَلَجَ مَوْلِجَهُ ، وَإِلّٰا فَلٰا يَأْمَنُ الْهَلَكَةَ ، فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ عَلَمًا لِلسّٰاعَةِ ، وَمُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ ، وَمُنْذِرًا بِالْعُقُوبَةِ. خَرَجَ مِنَ الدُّنْيٰا خَمِيصًا ، وَوَرَدَ الْاٰخِرَةَ سَلِيمًا. لَمْ يَضَعْ حَجَرًا عَلىٰ حَجَرٍ حَتّىٰ مَضىٰ لِسَبِيلِهِ ، وَأَجٰابَ دٰاعِىَ رَبِّهِ. فَمٰا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللهِ عِنْدَنٰا حِينَ أَنْعَمَ عَلَيْنٰا بِهِ سَلَفًا نَتَّبِعُهُ ، وَقٰائِدًا نَطَأُ عَقِبَهُ.
قوله عليهالسلام : «وَلَقَدْ كٰانَ فِى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ كٰافٍ لَكَ فِى الْأُسْوَةِ» لمّا كانت شخصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله قد مثّلث قمّة التسلسل بالنسبة لدرجات الشخصيّة الإسلاميّة التي توجد عادة في دنيا الإسلام. فكان صلىاللهعليهوآله عظيماً في فكره ووعيه ، قمّة في عبادته وتعلّقه بربّه الأعلى ، رائداً في أساليب تعامله مع أسرته والناس جميعاً ، مثاليّاً في حسم الموقف والصدق في المواطن ، ومواجهة المحن فما من فضيلة إلّا ورسول الله صلىاللهعليهوآله سابق إليها ، وما من مكرمة إلّا وهو متقلّد لها.
ومن أجل هذا ألزمنا الله بوجوب سلوك سبيل رسول الله صلىاللهعليهوآله من لدن اُمّته بامتدادها التاريخي في القول والعمل والأنشطة كافة وقال الله تعالى : «لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» (١) ، وهذا هو السر الذي جعل سيرة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله العطرة وسنّته المباركة المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد الذكر الحكيم.
__________________
١ ـ الأحزاب : ٢١.