فقال : ياربّ عبدك يبكي من مخافتك؟ فقال : يابن عمران لو نزل دماغه مع دموع عينيه ، ورفع يديه حتّى تسقطا لم أغفر له وهو يحبّ الدنيا (١).
وفي الكافي : قال الباقر عليهالسلام : إيّاك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك ، فكفى بما قال الله عزّوجلّ لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ» (٢) وقال : «وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» (٣) فإن دخلك من ذلك شيئ فاذكر عيش رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّما كان قوته الشعير ، وحلواه التمر ، ووقوده السعف إذا وجد (٤).
وعن النبيّ عليهالسلام : حبّ الدّنيا رأس كلّ خطيئة (٥).
ومن هنا يقول الإمام زين العابدين وسيّد الساجدين عليهالسلام : «سيدي أخرج حبّ الدّنيا من قلبي» (٦).
قوله عليهالسلام : «وَلَقَدْ كٰانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ يَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَيَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ» فمن ناحية العلميّة كان صلىاللهعليهوآله المتواضع الأوّل في دنيا المسلمين ، فسيرته صلىاللهعليهوآله العظيمة مع الناس أكبر شاهد على ذلك.
قال الصادق : عليهالسلام مرّت امرأة بذيّة برسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يأكلّ وهو جالس على الحضيض (٧) فقالت : يا محمّد إنّك لتأكلّ أكلّ العبد وتجلس جلوسه ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّي عبد وأيّ عبد أعبد منّي ، قالت : فناولني لقمة من طعامك فناولها ، فقالت : لا والله إلّا الذي في فيك ، فأخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله اللقمة من فيه فناولها فأكلتها ، قال أبو عبدالله عليهالسلام :
__________________
١ ـ تنبيه الخواطر : ج ١ ، ص ١٤٢.
٢ ـ التوبة : ٥٥.
٣ ـ طه : ١٣١.
٤ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٧ ـ ١٣٨ ، ح ١.
٥ ـ تنبيه الخواطر : ج ١ ، ص ١٣٦ ، والجامع الصغير : ج ١ ، ص ٥٦٦ ، ح ٣٦٦٢.
٦ ـ مصباح المتهجد : ص ٥٣٣.
٧ ـ الحضيض : القرار من الأرض عند منقطع الجبل.