ومهما قيل من ثناء على أخلاقيته السامية قديماً وحديثاً فإن ثناء الله تعالى عليه في كتابه العزيز يظل أدقّ تعبير ، وأصدق وصف لمواصفات شخصيّته العظيمة دون سواه. فقول الله تعالى : «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ» (١). يعجز كلّ قلم وكلّ تصوّر وبيان عن تحديد عظمته فهو شهادة من الله سبحانه وتعالى على عظمة أخلاق الرسول صلىاللهعليهوآله وسمّو سجاياه ، وعلوّ شأنه في مضمار التعامل مع ربّه ونفسه ومجتمعه بناءً على أن الأخلاق مفهوم شامل لجميع مظاهر السلوك الإنساني.
ولقد بلغ من عظمة شخصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله أن سئل علي بن أبي طالب عليهمالسلام عنها ، فأجاب كيف أصف أخلاق النبيّ صلىاللهعليهوآله وقد شهد الله تعالى بأنه عظيم حيث قال : «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ» (٢) (٣).
وكانت قريش معترفين بكماله في محاسن الأخلاق وأمانته ، فكانوا يسمّونه الصادق الأمين قبل نزول الوحي عليه ، ومن هنا يحدثنا التاريخ أن قريش قررت بناء الكعبة وتوسعتها بعد إغدار سيل جارف بإتجاه الكعبة فهدّمها وخرّب بناءها فشاركت القبائل البناء بعد أن تقاسمت جوانب الكعبة فيما بينها واختلفوا فيما بينهم على رفع الحجر الأسود ووضعه في موضعه بيد أنّ كلّ قبيلة تريد أن تختص بشرف رفع الحجر الأسود ووضعه في موضعه من الكعبة ، فبعد إستمرار النزاع بينهم أربعة أو خمسة أيّام إتّفقوا على أن يكون أوّل داخل على الإجتماع هو الحكم بينهم ، وتعاهدوا على الإلتزام بحكمه ، فكان أوّل داخل عليهم هو النبيّ الأعظم محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآله فقالوا : هذا الأمين قد رضينا به ، هذا محمّد.
__________________
١ ـ القلم : ٤.
٢ ـ القلم : ٤.
٣ ـ التفسير الكبير للفخر الرازي : ج ٣٢ ، ص ٢١ ، ذيل الآية ١٠ من سورة العلق.