شفاكم ، وإن تمردّتم عليه أسقمكم ، وبعد فمتى رأيت يا عبدالله مدّعي حقّ من قبل رجل أوجب عليه حاكم من حكّامهم ـ فيما مضى ـ بيّنة على دعواه على حسب إقتراح المدعي عليه؟ إذن ما كان يثبت لأحد على أحد دعوى ولا حقّ ، ولا كان بين ظالم من مظلوم ولا صادق من كاذب فرق.
ثم قال : يا عبدالله وأمّا قولك : «أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا» (١) يقابلوننا ونعاينهم فإنّ هذا من المحال الذي لا خفاء به إنّ ربّنا عزّوجلّ ليس كالمخلوقين يجيئ ويذهب ويتحرّك ويقابل شيئاً حتّى يؤتى به ، فقدسألتم بهذا المحال ، وإنّما هذا الذي دعوت إليه صفة أصنامكم الضعيفة المنقوصة الّتي لا تسمع ولا تبصر ، ولا تعلم ولا تغني عنكم شيئاً ولا عن أحد.
يا عبدالله أوليس لك ضياع وجنان بالطائف وعقار بمكة وقوّام عليها؟ قال : بلى. قال : أفتشاهد جميع أحوالها بنفسك أوبسفراء بينك وبين معامليك؟ قال : بسفرائى ، قال : أرأيت لو قال : معاملوك وأكرتك وخدمك لسفرائك : لا نصدّقكم في هذه السفارة إلّا أن تأتونا بعبدالله بن أبي اُميّة لنشاهده فنسمع ما تقولون عنه شفاهاً كنت تسوّغهم هذا ، أوكان يجوز لهم عندك ذلك؟ قال : لا.
قال : فما الذي يجب على سفرائك؟ أليس أن يأتوهم عنك بعلامة صحيحة تدلّهم على صدقهم ، فيجب عليهم أن يصدّقوهم؟ قال : بلىٰ.
قال : يا عبدالله أرأيت سفيرك لو أنّه لمّا سمع منهم هذا ، عاد إليك وقال : قم معي فإنّهم قد إقترحوا عليّ مجيئك ، أليس يكون لك مخالفاً ، وتقول له : إنّما أنت رسول لا مشيرولا آمر؟ قال : بلى.
قال : فكيف صرت تقترح على رسول ربّ العالمين ما لا تسوّغ
__________________
١ ـ الإسراء : ٩٢.