لأكرتك ومعامليك ، أن يقترحوه على رسولك إليهم؟ وكيف أردت من رسول ربّ العالمين أن يستذم (١) إلى ربّه بأن يأمر عليه وينهى ، وأنت لا تسوّغ مثل هذا لرسولك إلى أكرتك وقوّامك؟ هذه حجّة قاطعة لإبطال جميع ما ذكرته في كلّ ما اقترحته يا عبدالله.
وأمّا قولك يا عبدالله عليهالسلام : «أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ» (٢) وهو الذهب. أمّا بلغك أن لعزيز مصر بيوتاً من زخرف؟ قال : بلى.
قال : أفصار بذلك نبيّاً؟ قال : لا. قال : فكذلك لا يوجب ذلك لمحمّد لو كان له نبوّة ، ومحمّد لا يغتنم جهلك بحجج الله.
وأمّا قولك يا عبدالله : «أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ» (٣) ثم قلت : «وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ» (٤).
يا عبدالله عليهالسلام : الصعود إلى السماء أصعب من النزول عنها ، وإذا إعترفت على نفسك بأنّك لا تؤمن إذا صعدت فكذلك حكم النزول.
ثم قلت : «حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ» (٥) ومن بعد ذلك لا أدري اُؤمن بك أو لا اُؤمن بك. فأنت يا عبدالله مقرّ بأنّك تعاند حجّة الله عليك ، فلا دواء لك إلّا تأديبه على يد أوليائه من البشر أو ملائكته : الربانيّة ، وقد أنزل الله تعالى عليّ حكمة جامعة لبطلان كلّ ما اقترحته.
فقال تعالى : «سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا» (٦) ما أبعد ربّي عن أن يفعل الأشياء على قدر ما يقترحه الجّهال بما يجوز وبما لا يجوز ،
__________________
١ ـ استذمّ إلى فلان : فعل ما يذمّه عليه.
٢ ـ الإسراء : ٩٣.
٣ ـ الإسراء : ٩٣.
٤ ـ الإسراء : ٩٣.
٥ ـ الإسراء : ٩٣.
٦ ـ الإسراء : ٩٣.