وقال الجزري : وقد صنّف العلماء في معجزات النبيّ صلىاللهعليهوآله كتباً كثيرة ذكروا فيها كلّ عجيبة (١).
ونختم حديثنا بما رواه إبن سعد في طبقاته : أن قريشاً لمّا تكاتبت على بني هاشم ألّا يناكحوهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يخالطوهم في شيئ ، ولا يكلّموهم حين أبوا أن يدفعوا إليهم النبيّ صلىاللهعليهوآله ومكثو في شعبهم ثلاث سنين محصورين. ثم إطلع الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوآله على أمر صحيفتهم ، وأنّ الأرضة قد أكلت ما كان فيها من جور وظلم ، وبقي ما كان فيها من ذكر الله ، فجاءهم أبوطالب فقال لهم : إن إبن أخي قد أخبرني ولم يكذّبني قط أن الله قد سلّط على صحيفتكم الأرضة ، فلحست كلّ ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم وبقي فيها كل ما ذكر به الله فإن كان إبن أخي صادقاً نزعتم عن سوء رأيكم ، وإن كان كاذباً دفعته إليكم فقتلتموه أواستحييتموه. قالوا : قد أنصفتنا. فأرسلوا إلى الصحيفة ففتحوها فإذا هي كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قد أكلت الأرضة كلّها إلّا ما كان من ذكر الله فيها ، فسقط في أيديهم ونكّسوا على رؤوسهم.
فقال أبوطالب : علامَ نُحبس ونحصر وقدبان الأمر؟.
ثم دخل هو وأصحابه بين أستار الكعبة ، فقال : اللّهم اُنصرنا ممّن ظلمنا ، وقطع أرحامنا ، واستحلّ ما يحرم عليه منّا ، ثم انصرفوا إلى الشعب.
وتلاوم رجال من قريش على ما صنعوا ببني هاشم ، فلبسوا السلاح ثم خرجوا إلى بني هاشم وبني المطّلب فأمروهم بالخروج إلى مساكنهم
__________________
١ ـ الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ٤٧.