طالب عليهالسلام قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله : «وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» (١) دعاني النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال لي : يا علي إنّ الله أمرني «أن أنذر عشيرتي الأقربين» فضقت بذلك ذرعاً ، وعلمت أنّي متى اُناديهم بهذا الأمر أرىٰ منهم ما أكره ، إلى أن قال : يا بني عبد المطلب إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتى فيكم؟ قال : فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقلت : أنا وأنا لأحدثهم سنّا وأرمصهم (٢) عيناً ، وأعظمهم بطناً ، وأحمشهم (٣) ساقاً أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ، ثم قال : إن هذا أخي ووصيّ وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوه. فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لإبنك وتطيع (٤).
أقول : ولو لم يكن لأمير المؤمنين عليهالسلام في استخلاف النبيّ صلىاللهعليهوآله له إلّا هذا الخبر وهذه القضيّة لكفىٰ «لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ» (٥).
ولرسول الله كما تقدّم معاجز كثيرة متنوّعة تبلغ أربعة آلاف وأربعماءة وأربعين معجزة كما جاء في المناقب لإبن شهراشوب فراجع (٦).
__________________
١ ـ الشعراء : ٢١٤.
٢ ـ الرمص بالتحريك : وسخ يجتمع في موق العين ، فإن سال فهو غمص ، وإن جمد فهو رمص ، الصحاح : ج ٣ ، ص ١٠٤٢.
٣ ـ رجل أحمش الساقين : دقيقهما ، الصحاح : ج ٣ ، ص ١٠٠٢.
٤ ـ تاريخ الطبري : ج ١ ، ص ٥٤٢ ـ ٥٤٣ ، وقريب منه ما أخرجه إبن سعد في الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ١٤٧.
٥ ـ ق : ٣٧.
٦ ـ المناقب لإبن شهراشوب : ج ١ ، ص ١٤٤.