خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ» (١) وقال : «لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ» (٢).
قوله عليهالسلام : «وَاسْتَخَفَّتْهُمُ الْجٰاهِلِيَّةُ الْجَهْلٰاءُ» أي جعلتهم ذوي خفّة وطيش و «الجهلاء» : وصف مبالغة للجهل ، وتأكيد للأوّل كما يقال : ليل أليل.
قوله عليهالسلام : «حَيٰارىٰ فِى زِلْزٰالٍ مِنَ الْأَمْرِ» الزلزال ـ بالفتح ـ الإسم ، وبالكسر : المصدر ، والزلازل : الشدائد ، أي متحيّرين في الشدائد تائهين مغمورين في إضطراب من الأمر ، أي لا يهتدون إلى وجوه الخير والصلاح ، والمراد من الأمر هنا : دينه وشريعته كما فسّر به قوله تعالى : «وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ» (٣).
قوله عليهالسلام : «وَبَلٰاءٍ مِنَ الْجَهْلِ» لأنّ الجهل بلاء ليس فوقه بليّة لأنّهم كانوا في الجاهليّة يأكلون الميتة ، ويأتون الفواحش ، ويقطعون الأرحام ، ويقتلون أولادهم خشية اِملاق وفقر ، وقد صوّرت إحدى آيات القرآن الكريم هذه الصورة المأساويّة المروّعة بنصّها : «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ» (٤).
قوله عليهالسلام : «فَبٰالَغَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاٰلِهِ فِى النَّصِيحَةِ» النصح بالضم مصدر نصح له من باب ـ منع ـ : هذه اللغة الفصيحة وعليها قوله تعالى : «إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ» (٥) وفي لغة يتعدّى بنفسه ، فيقال : نصحته ، والإسم : النصحية ، وهي كلمة جامعة ، ومعناها : حياز الخير للمنصوح له ،
__________________
١ ـ الأعراف : ١٢.
٢ ـ الحجر : ٣٣.
٣ ـ التوبة : ٤٨.
٤ ـ الإسراء : ٣١.
٥ ـ هود : ٣٤.