محمّد ، إنّى ضممته فما أُفارقه ساعة من ليل أونهار ، فلم أئتمن أحداً حتّى نوّمته في فراشي ، فأمرته أن يخلع ثيابه وينام معي ، فرأيت في وجهه الكراهيّة ، فقال : لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى جسدي ، فتعجّبت من قوله ، وصرفت بصري عنه حتّى دخل فراشه (١).
قال السروي نقلاً عن القاضي المعتمد في تفسيره : قال أبوطالب : لقد كنت كثيراً ما أسمع منه إذا ذهب من الليل كلاماً يعجبني ، وكنّا لا نسمّي على الطعام ، ولا على الشراب حتّى سمعته يقول : بسم الله الأحد ثم يأكلّ ، فإذا فرغ من طعامه ، قال : الحمد لله كثيراً ، فتعجبت منه ، وكنت ربّما أتيت غفلة ، فأرى من لدن راسه نوراً ممدوداً قد بلغ السماء ثم لم أرمنه كذبة قط ، ولا جاهليّة قط ، ولا رأيته يضحك في موضع الضحك ، ولا مع الصبيان في لعب ، ولا إلتفت إليهم ، وكان الوحدة أحب إليه والتواضع (٢).
وقال عمّه أبوطالب في النبيّ صلىاللهعليهوآله :
ولقد عهدتك صادقاً |
|
في القول لا تتزيد |
ما زلت تنطق بالصواب |
|
وأنت طفل أمرد |
قوله عليهالسلام : «وَأَنْجَبَهٰا كَهْلًا» النجيب : الكريم ، النفيس في نوعه فعيل بمعنى فاعل ، من نجُبَ ـ كَكرُمَ ـ نجابة ، ورجل نجيب أي كريم بيّن النجابة ، ولقد كان صلىاللهعليهوآله في حال كهوليّته منبع كلّ كرم وفضل. والكهل من الرجال : الذي جاوز الثلاثين ، قاله الجوهري (٣).
وقال المسعودي : لمّا بنت قريش الكعبة ورفعت سمكها تنازعوا في
__________________
١ ـ المناقب لإبن شهراشوب : ج ١ ، ص ٣٦.
٢ ـ المناقب لإبن شهراشوب : ج ١ ، ص ٣٧.
٣ ـ الصحاح : ج ٥ ، ص ١٨١٣ ، مادة «كهل».