منزلي ، فأردت أن ألبسه في يوم عيد ، فلم أصب له في منزلي ثوبا يشاكله ، فقالت لي بنية لي : اكتب إلى الذي وهبه لك حتى يرسل إليك بما يشاكله من الثياب ، فكتبت إليه :
أبا الفضل لو أبصرتنا يوم عيدنا |
|
رأيت مباهاة لنا في الكنائس |
فلو كان ذلك المطرف الخزّ جبة |
|
لباهيت أصحابي بها في المجالس |
فلا بدّ لي من جبّة من حبابكم |
|
ومن طيلسان من جياد الطيالس |
ومن ثوب قوهي (١) وثوب غلالة |
|
ولا بأس إن أتبعت ذاك بخامس |
إذا تمّت الأثواب في العيد خمسة |
|
كفتك فلم تحتج إلى لبس سادس |
لعمرك ما أفرطت فيما سألته |
|
وما كنت إذ (٢) أفرطت فيه بآيس |
وذلك (٣) أن الشعر يزداد شدّة |
|
إذا ما البلى أبلى جديد الملابس |
فبعث إليه حين قرأ الشعر بتخوت خمسة ، من كل نوع تختا.
قال : فو الله ما انقضت الأيام حتى قتل جعفر بن يحيى ، وصلب ، وحبس الفضل (٤) ، فرأينا أبا قابوس قائما تحت جذعه يزمزم ، فأخذه صاحب الخبر فأدخله على الرشيد ، فقال له : ما كنت قائلا تحت جذع جعفر؟ فقال : أينجيني منك الصدق؟ قال : نعم. قال : ترحمت عليه وقلت في ذلك :
أمين الله هب فضل بن يحيى |
|
لنفسك أيّها الملك الهمام |
وما طلبي إليك العفو عنه |
|
وقد قعد الوشاة به وقاموا |
أرى سبب الرّضا فيه قويا |
|
على الله الزيادة والتّمام |
نذرت عليّ منه صيام حول |
|
فإن وجب الرّضا وجب الصّيام |
وهذا جعفر بالجسر تمحو |
|
محاسن وجهه ريح قتام |
أقول له وقمت لديه نصّا (٥) |
|
إلى أن كاد يفضحني القيام |
__________________
(١) ثوب قوهي منسوب إلى قوهستان. وهي جبال بين هراة ونيسابور ، انظر معجم البلدان ، وفي تاج العروس (قوه) وهي ثياب بيض.
(٢) تاريخ بغداد : لو.
(٣) تاريخ بغداد : وذاك.
(٤) قوله : وحبس الفضل ، استدركت على هامش مختصر ابن منظور ، واللفظتان ليستا في تاريخ بغداد.
(٥) في تاريخ بغداد : نصبا.