[جارية و](١) وصيفة ، وأنا أزعم أن ابني جعفرا عاقّ بي ، وقد أتيتكم في هذا اليوم والذي يقنعني جلدا شاتين ، أجعل أحدهما شعارا والآخر دثارا.
قال ثمامة بن أشرس (٢) :
بت ليلة عند جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي ، فانتبهت ببكائه فقلت : ما يبكيك ، لا أبكى الله عينيك؟ قال : رأيت في منامي كأن شيخا قد أتاني ، فأخذ بعضادتي باب البيت الذي أنا فيه فقال :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا |
|
أنيس ولم يسمر بمكّة سامر |
فقلت مجيبا له :
بلى نحن كنّا أهلها وأبادنا |
|
صروف اللّيالي والجدود العواثر |
قال : فلما رأيته على هذه الحال انصرفت إلى منزلي ، فلما أصبحت غدوت إلى دار السلطان فإذا بجثته عند الجسر ، وإذا خلق كثير حولها. فقلت : ما هذا؟ فقالوا : وجه السلطان إلى جعفر بن يحيى في الليل من ضرب عنقه ، وقد أمر بصلبه. فمضيت لحاجتي ورجعت ، فإذا هو مصلوب فقلت :
في آل برمك للورى عظة |
|
لو كان يعمل فيهم الفكر |
منحتهم الدّنيا خزائنها |
|
واختصّهم بصفائه الدّهر |
حتّى إذا بلغوا السّها شرفا |
|
حقّا وقصّر عنهم الفخر |
عزّ الزّمان بهم فجعفرهم |
|
بعد الحجاب محلّه الجسر! |
وتمزّقوا من بين مصطلم |
|
ومكبّل قد ضمّه الأسر |
قال إسحاق الموصلي (٣) :
قال لي الرشيد بعد قتل جعفر وصلبه : اخرج بنا لننظر إلى جعفر فلما وصل إليه جعل ينظره ويتأمله ، وأنشأ يقول :
تقاضاك دهرك ما أسلفا |
|
وكدّر عيشك بعد الصّفا |
__________________
(١) زيادة عن الجليس الصالح الكافي.
(٢) الخبر والشعر في البداية والنهاية ٧ / ١٩٠.
(٣) الخبر والشعر في البداية والنهاية ٧ / ١٩٠ من طريق ثمامة بن أشرس.