وروي لنا من بعض الطرق بإسناد والله به أعلم أن النبي صلىاللهعليهوسلم سئل عن سطيح فقال : «نبيّ ضيّعه قومه» (١) وهو مشهور عند العرب يذكرون سجعه وكهانته ، ويضربون المثل بعلمه وصدقه فيما يخبر به ، وقد قال الأعشى يذكر زرقاء اليمامة لما أخبرت أهل اليمامة برؤيتها ما رأت من مكان بعيد لم يعلم آدمي أدرك مرئيا من مثل مداه. فلم يصدّقوها ، فأتاهم العدو الذي أنذرتهم به ، فاستباحهم وخرّب ديارهم (٢) :
ما نظرت ذات أشفار كنظرتها |
|
حقا كما صدق الذئبي إذ سجعا |
قالت أرى رجلا في كفّه كتف |
|
أو يخصف النعل لهفي أية صنعا |
فكذّبوها بما قالت ، فصبّحهم |
|
ذو آل حسّان يزجي (٣) الموت والشّرعا (٤) |
فاستنزلوا أهل جوّ من منازلهم (٥) |
|
واستخفضوا (٦) شاخص البنيان فاتضعا |
قال المعافى : قوله : الذئبي ، يعني سطيحا لأنه من ولد ذئب بن حجن ، وبسطيح الذئبي كان يعرف. وقد قال له عبد المسيح ابن أخته حين وفد عليه من عند كسرى (٧) :
يا فاصل الخطة أعيت من ومن |
|
أتاك شيخ الحي من أهل (٨) سنن |
وأمه من آل ذئب بن حجن |
ولكلّ فصل مما ذكرنا أخبار وأنباء وقصص تأتي في أماكنها إن شاء الله عزوجل.
أخبرنا أبو الحسن علي بن مسلم الفقيه ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد بن يحيى الجوبري ، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب ، أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو قال : وكتب إليّ سليمان بن عبد الرّحمن بخطه في سنة
__________________
(١) عقب ابن كثير على ذلك بقوله : أما هذا الحديث فلا أصل له في شيء من كتب الإسلام المعهودة ، ولم أره بإسناد أصلا. ويروى مثله في خبر خالد بن سنان العبسي ولا يصح.
وظاهر هذه العبارات تدل على علم جيد لسطيح وفيها روائح ، التصديق لكنه لم يدرك الإسلام كما قال الجريري.
(٢) البيت الأول في تاريخ الطبري ١ / ٤٣١ والأبيات في ديوان الأعشى من قصيدة طويلة ص ١٠٦.
(٣) الأصل : يرجي ، والمثبت عن الديوان.
(٤) الشرع الأوتار ، وقيل : حبالة الصيد.
(٥) الديوان : مساكنهم.
(٦) الديوان : وهدموا.
(٧) الرجز في تاريخ الطبري ١ / ٤٥٩ والجليس الصالح الكافي ٤ / ٩.
(٨) الطبري والجليس الصالح : من آل سنن.