قال الصلت بن دينار :
رأيت في المنام كأن رجلا قطعت يداه ورجلاه وآخر صلب ، فغدوت على ابن سيرين فأخبرته بذلك فقال : إن صدقت رؤياك نزع هذا الأمير وقدم أمير آخر قال : فلم نمس من يومنا حتى نزع قطن بن مدرك (١) وقدم الجراح بن عبد الله.
كتب (٢) عمر بن عبد العزيز وهو خليفة إلى عامله على خراسان الجراح بن عبد الله الحكمي يأمره أن يدعو أهل الجزية إلى الإسلام ، فإن أسلموا قبل إسلامهم ووضع الجزية عنهم ، وكان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ، فقال له رجل من أشراف أهل خرسان : إنه والله ما يدعوهم إلى الإسلام إلا أن توضع عنهم الجزية ، فامتحنهم بالختان ، فقال : أنا أردهم عن الإسلام بالختان؟ هم لو قد أسلموا [فحسن إسلامهم](٣) كانوا إلى الطهرة أسرع ، فأسلم على يده نحو من أربعة آلاف.
قال السائب بن محمد :
كتب الجراح بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز (٤) : سلام عليك ، أما بعد. فإن أهل خراسان قوم قد ساءت رعيتهم ، وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في تلك فعل.
قال : فكتب إليه عمر بن عبد العزيز : من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى الجراح بن عبد الله : سلام عليك ، أما بعد ؛ فقد بلغني كتابك تذكر أن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم ، وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط ، وتسألني أن آذن لك فقد كذبت ، بل يصلحهم العدل والحق ، فابسط ذلك فيهم والسلام (٥).
__________________
(١) قطن بن مدرك الكلابي كان واليا على البصرة للوليد بن عبد الملك بعد عزل مهاصر بن سحيم الكناني. (انظر تاريخ خليفة ص ٣١٠).
(٢) الخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٣٨٦ في ترجمة عمر بن عبد العزيز ، من طريق أحمد بن محمد بن الوليد قال : حدثنا عبد الرحمن بن حسن عن أبيه ، أن عمر بن عبد العزيز كتب ... وذكره.
(٣) زيادة اقتضاها السياق عن طبقات ابن سعد.
(٤) ذكر الطبري في تاريخه ٤ / ٦٥ كتاب الجراح بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز باختلاف ألفاظه.
(٥) نص كتاب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى الجراح يرد فيه على كتابه له : وفيه :
يا ابن أم الجراح ، أنت أحرص على الفتنة منهم ، لا تضربن مؤمنا ولا معاهدا سوطا إلا في حق ، واحذر القصاص فإنك صائر إلى من يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ، وتقرأ كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.