أنه بينما هو ذات يوم عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم في جماعة من أصحابه أكثرهم اليمن ، إذ قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سيطلع عليكم من هذه الثنية خير ذي يمن» فبقي القوم كلّ رجل منهم يرجو أن يكون من أهل بيته ، فإذا هم بجرير بن عبد الله قد طلع عليهم من الثنية ، فجاء حتى سلم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلى أصحابه ، فردوا عليه بأجمعهم السلام ، ثم بسط له عرض ردائه وقال له : «على ذا يا جرير فاقعد». فقعد معهم ثم قام وانصرف. فقال جماعة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لقد رأينا اليوم منك منظرا لجرير ما رأينا منك لأحد ، قال : «نعم ، هذا كريم قوم. إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» [١٤٠٩١].
وقال عدي بن حاتم :
لما دخل جرير على النبي صلىاللهعليهوسلم ، ألقى له وسادة فجلس على الأرض ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «أشهد أنك لا تبغي علوّا في الأرض ولا فسادا» ، فأسلم من حديث (١) [١٤٠٩٢].
وفي حديث : قال جرير :
فبسط رسول الله صلىاللهعليهوسلم يده فبايعني وقال : «على أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم شهر رمضان ، وتنصح المسلم ، وتطيع الوالي ، وإن كان عبدا حبشيا». فقال : نعم. قال : فبايعه [١٤٠٩٣].
حدث عبد الله بن مسعود قال :
كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا صلى الفجر لم يرم مجلسه حتى تطلع الشمس ، فقال لنا ذات يوم حين طلعت الشمس : «يطلع عليكم من هذا الفجّ خير ذي يمن ، على وجهه مسحة ملك». فطلع جرير بن عبد الله البجلي ثم القسري على راحلته حتى نزل على باب المسجد ، ثم دخل فقال : يا معشر قريش ، أين رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : «هذا هو» ، يعني نفسه عليهالسلام ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : «أتاكم أهل اليمن ، وهم أرق أفئدة. الإيمان يمان والحكمة يمانية والغلظة والقسوة والكبرياء والفخر والجفاء عند أصحاب الوبر والصوف ، نحو هذا المشرق في ربيعة ومضر».
فلما جلس جرير بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : ما اسمك؟ قال : أنا جرير بن
__________________
(١) رواه الذهبي في سير الأعلام ٢ / ٥٣٢ من طريق سوار بن مصعب عن مجالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم.