والمنفي نحو : ما قائما كان زيد وما مقيما زال بكر ، وامتنع تقديمه على (ما) لأن لها صدر الكلام.
(وإن تقل يا قوم قد كان المطر |
|
فلست تحتاج لها إلى خبر |
وهكذا يصنع كل من نفث |
|
بها إذا جاءت ومعناها حدث) |
تستعمل كان في العربية على ثلاثة أوجه : زائدة ، وهي التي لم يؤت بها للإسناد ، وشرط زيادتها أن تكون بين شيئين متلازمين ليسا جارا ومجرورا نحو : لم يوجد كان مثلك ، وما كان أحسن زيدا وناقصه ، وقد تقدمت. وتامة : وهي التي تكتفي بمرفوعها عن المنصوب ، وإذا استعملت تامة كانت بمعنى فعل لازم لما أشار إليه بقوله : وهكذا يصنع كل من نفث ، أي لفظ إلخ ، نحو : قد كان المطر ، أي حدث. ومنه : إن كان ذو عسرة ، أي وإن حصل. ولا يختص ذلك بكان بل سائر أخواتها تستعمل تامة ما عدا ليس وزال وفتىء نحو : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧))(١) ، (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ)(٢) ، وأما ليس وزال وفتىء فإنها ملازمة للنقص وما أوهم خلافه يؤول.
(والباء تختص بليس في الخبر |
|
كقولهم : ليس الفتى بالمحتقر) |
تزاد الباء في خبر ليس لرفع توهم الإثبات عند البصريين ولتأكيد النفي عند الكوفيين نحو : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)(٣) ، ومنه : ليس الفتى بالمحتقر. وتزاد أيضا في خبر ما النافية وكذا في خبر الفعل الناسخ المنفي بلم نحو : لم أكن بقائم. قال الشاعر :
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن |
|
بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل |
إذا علمت ذلك فمراد الناظم أنّ ليس من بين أخواتها تختص بجواز دخول الباء في خبرها وإذا عطفت عليه حينئذ اسما نحو : ليس زيد بقائم ولا قاعد ، جاز لك جره باعتبار اللفظ ونصبه باعتبار المحل ، ومنه قوله :
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
__________________
(١) سورة الروم ، الآية ١٧.
(٢) سورة هود ، الآية ١٠٧.
(٣) سورة الزمر ، الآية ٣٦.