يعني أن فعل الأمر المبني على السكون إذا اتصل آخره بأل نحو : صم النهار واعتكف الليل ، حرك آخره بالكسرة فرارا من التقاء الساكنين وذلك لأن همزة الوصل تسقط في الدرج فيتلقى ساكنان فلا يمكن النطق إلا بتحريك آخره. وإنما يحرك بالكسرة (لأنها الأصل) في التخلص من الساكنين وهكذا كلما التقى ساكنان فإنه يحرك بالكسر وربما حرك بالفتح نحو : ومن الناس ، كراهية أن تتوالى كسرتان في كلمة على حرفين وهي من ، لكن تمثيل الناظم بقوله : ليقم الغلام ، غير مطابق ، إذ الكلام في أمر الحاضر الذي هو قسيم المضارع لا في المضارع المقرون بلام الأمر وإن كان الحكم صحيحا فيه أيضا.
(وإن أمرت من سعى ومن غدا |
|
فأسقط الحرف الأخير أبدا |
تقول : يا زيد اغد في يوم الأحد |
|
واسع إلى الخيرات لقيت الرشد |
وهكذا قولك في ارم من رمى |
|
فاحذر (على ذلك) فيما استبهما) |
يعني إذا أردت صيغة الأمر من المضارع المعتل الآخر كمضارع سعى وغدا ورمى ، فاحذف الحرف الأخير منه وهو حرف العلة ليكون مبنيا على حذفه
______________________________________________________
(قوله : لأنها الأصل إلخ) وإنما كانت الكسرة أصلا في التخلص
من التقاء الساكنين لما بين الكسرة والسكون من المناسبة ، وذلك أن الجر مخصوص بالاسم والجزم مخصوص بالفعل ، والكسرة من الجر والسكون من الجزم. فهنا متناقضان وبين النقيضين مناسبة لتلازم حضورهما في الذهن ولذا قد نرى النقيض يحمل على النقيض كما يحمل النظير على النظير ا ه.
(قوله : على ذلك) جرى على غير الأصل في التعبير به ، فإن أصل ذلك أن يكون لمفرد لكن جرى هنا للجمع الذي للأفعال الثلاثة مجازا كما جرى لفظ المفرد على المثنى في قوله تعالى : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ)(١) أي بين الفارض والبكر. وجرى الجمع في قوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبدا ما أبقيتنا واجعل ذلك» إلخ ، أشار بذلك إلى الأسماع والأبصار والقوة مجازا. ا ه رسلان.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٦٨.