أضع العمامة تعرفوني» فتعممت على الطربوش ولبست جبتي وجوربي ، ثم دخلت على سموّه وسلّمت عليه ، فحياني بألطف تحية بعد أن نهض سموّه واقفا على قدميه ، ثم أكرمني بالجلوس إلى جانبه ، وسألني عن صحتي وأحوالي ومقدمي ، فأجبته بخلاصة أيام السلام وما لقيته من شديد الخطر ، فهنأني بالسلامة ، وخيرني بين السفر والإقامة ، فبينت لسموّه سبب السفر ثم أحضر حاجبه وأوصاه بي ، وأمر بإعداد محل لي أنزل فيه ، فذهبت مع الحاجب داعيا شاكرا فضله ، وجلست حصة لطيفة عند حضرة الحاجب «جميل بك الراوي البغدادي» وبعد تبادل عبارات السلام والمعرفة ، استدعى سيادته «تلفونيا» رشيد أفندي الغز الدمشقي «من قرية داريا» المقيم في المدينة المنورة بوظيفة مهندس للخط ، وهو محبوب هناك جدا لاستقامته وكرمه ، فلما انتهى إلينا سلّم علينا وجلس ، وبعد معرفة اسمي ولقبي قام واقفا وجدّد السلام والاحترام ، وقال : إن بني البيطار هم سادتنا ومرشدونا ، وما منهم إلا عالم أو متعلم ، فحياني جميل بك ثانية وقال تنزل ضيفا في دار رشيد أفندي ، وإذا عرض لك أمر أو غرض فنرجو إخبارنا «بالتلفون» عنده ، فشكرت غيرته وهمّته ، وذهبت مع رشيد أفندي حتى انتهينا إلى داره في المحطة بأقصى المدينة من جهة الشمال ، وبعد تناول طعام الغداء ، مع ضيوفه : حضرة مصطفى أفندي عبد الهادي النابلسي وولده الملازم منير أفندي وغيرهما ، استأذنته