الأول من سنة ستين ومائتين ، فصارت سرّ من رأى ضجّة واحدة : مات ابن الرضا.
وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش حجرها ، وختم على جميع ما فيها ، وطلبوا أثر ولده ، وجاءوا بنساء يعرفن بالحبل ، فدخلن على جواريه فنظرن إليهنّ ، فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل ، فأمر بها فجعلت في حجرة ، ووكّل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم ، ثمّ أخذوا بعد ذلك في تهيئته ، وعطّلت الأسواق ، وركب أبي وبنوهاشم والقواد والكتاب وسائر الناس إلى جنازته عليهالسلام ، فكانت سر من رأى يومئذٍ شبيهاً بالقيامة.
فلمّا وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منها ، فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء والمعدّلين ، وقال : هذا الحسن بن علي بن محمد ، ابن الرضا ، مات حتف أنفه على فراشه ، حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ، ومن المتطببين فلان وفلان ، ومن القضاة فلان وفلان ، ثمّ غطّى وجهه وقام فصلّى عليه وكبّر عليه خمساً ، وأمر بحمله فحمل من وسط داره ، ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه عليهالسلام.
فلما دفن وتفرق الناس اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده ، وكثر التفتيش في المنازل والدور ، وتوقّفوا على قسمة ميراثه ، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين وأكثر حتى تبين بطلان الحبل ، فقسم ميراثه بين اُمه وأخيه جعفر ، وادعت اُمّه وصيته ، وثبت ذلك عند