تجدّد عليهم الوصية بحفظه والتوفّر على ملازمة بابه » (١).
أما موقف الإمام عليهالسلام من السجن والسجانين ، فهو إقامة الحجة الواضحة عليهم عن طريق أفعاله وزهده وعبادته وصلاحه ، وقد استطاع من خلال هذا الأسلوب أن يفرض هيبته على غالبيتهم ، حتى أن بعضهم يرتعد خوفاً وفزعاً بمجرد أن ينظر إليه ، قال بعض الأتراك الموكلون به حينما كان في سجن صالح بن وصيف : « ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كلّه ، ولا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة ، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا » (٢).
وحينما حلّ في سجن علي بن أوتامش ، وكان شديد العداوة لآل البيت عليهمالسلام غليظاً على آل أبي طالب ، فضلاً عن أنه اُوصي من قبل السلطة بأن يفعل به ويفعل على ما جاء في الرواية ، لكنه تأثر بهدي الإمام عليهالسلام ومكارم أخلاقه ، فوضع خده على الأرض تواضعاً له ، وكان لا يرفع بصره إليه اجلالاً وإعظاماً ، وخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرة واحسنهم فيه قولاً (٣).
وحينما أوصى العباسيون صالح بن وصيف عندما حبس أبو محمد الحسن العسكري عليهالسلام عنده بأن يضيق عليه ، قال لهم صالح وهو يعلن اعتذاره وعجزه عن هذا الأمر : « ما أصنع به وقد وكلت به رجلين من شرّ من قدرت عليه ، فقد
__________________
(١) بحار الأنوار ٥٠ : ٣٠٤ / ٨٠ عن عيون المعجزات.
(٢) الكافي ١ : ٥١٢ / ٢٣ من الباب السابق ، الإرشاد ٢ : ٣٣٤.
(٣) الكافي ١ : ٥٠٨ / ٨ من الباب المتقدم ، الإرشاد ٢ : ٣٢٩.