مدفوعةٌ : بأنّ عموم «الناس مسلّطون على أموالهم» إنّما يدلّ على تسلّط الناس على أموالهم لا على أحكامهم ، فمقتضاه إمضاء الشارع لإباحة المالك كل تصرّفٍ جائز شرعاً ، فالإباحة وإن كانت مطلقة ، إلاّ أنّه لا يباح بتلك الإباحة المطلقة إلاّ ما هو جائز بذاته في الشريعة.
ومن المعلوم : أنّ بيع الإنسان مال غيره لنفسه غير جائز بمقتضى العقل والنقل الدالّ على لزوم دخول العوض في ملك مالك المعوض ، فلا يشمله العموم في «الناس مسلّطون على أموالهم» حتى يثبت التنافي بينه وبين الأدلّة الدالّة على توقّف البيع على الملك ، فيجمع بينهما بالتزام الملك التقديري آناً ما.
وبالجملة ، دليل عدم جواز بيع ملك الغير أو عتقه لنفسه حاكم على عموم «الناس مسلّطون على أموالهم» الدالّ على إمضاء الإباحة المطلقة من المالك على إطلاقها ، نظير حكومة دليل عدم جواز عتق مال الغير على عموم (١) وجوب الوفاء بالنذر والعهد إذا نذر عتق عبد غيره له أو لنفسه ، فلا يتوهّم الجمع بينهما بالملك القهري للناذر.
نعم ، لو كان هناك تعارض وتزاحم من (٢) الطرفين ، بحيث أمكن تخصيص كلٍّ منهما لأجل الآخر ، أمكن الجمع بينهما بالقول بحصول الملك القهري آناً ما ، فتأمّل.
__________________
(١) من الكتاب : الآية ٢٩ من سورة الحجّ ، والآية ٩١ من سورة النحل ، والآية ٣٤ من سورة الإسراء ، ومن السنّة : ما ورد في الوسائل ١٦ : ١٨٢ ، كتاب النذر والعهد.
(٢) في «ف» : في.