|
وجمع له صلى الله عليه واله : الحلم ، والصبر ، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزّه |
قوله عليه السلام : «وجمع له صلى الله عليه واله : الحلم ، والصبر» قد فسّرنا معنى الحلم والصبر آنفاً فلا نعيد.
قوله عليه السلام : «فكان لا يغضبه شيء» الغضب : هيجان النفس لإرادة الإنتقام ، وقيل : الغضب تغيّر يحصل عند غليان دم القلب لشهوة الإنتقام.
وفي الحديث : إنّ الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم ، وإنّ أحدكم إذا غضب إحمّرت عيناه وانتفخت أو داجه. الحديث (١).
وقيل إنّ الله تعالى خلق الغضب من النار ، وقرّره في الإنسان ، وخمّره في طينته ، فإذا تحركت قوّته إشتعلت نار الغضب من باطنه ، وثارت ثوراناً يغلي به دم القلب كغلي الحميم ، وينتشر في العروق ، ويرتفع إلى أعالي البدن والوجه ، فلذلك يحمّر الوجه ، والبشرة ، ومهما إشتدّت نار الغضب وقوى إضطرامها أعمى صاحبه وأصمّه عن كل موعظة ، وينطفي نور عقله ، فلا يؤثّر فيه نصح ولا وعظ ، وربّما قويت نار الغضب فأفنت الرطوبة التي بها الحياة فيموت صاحبه غيظاً ، أو يفسد مزاج دماغه لغلبة الحرارة الصاعدة إليه فيموت ، فهذه آثار الغضب المفرط ، ولذلك وردت في ذمّة أحاديث وأخبار.
لقد أخرجه الكليني : بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : من كفّ نفسه عن أعراض الناس أقال الله نفسه يوم القيامة ، ومن كفّ غضبه عن الناس كفّ الله تبارك وتعالى
__________________
١ ـ الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٤ ، ح ١٢ ، باب الغضب.