من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتّى يكون هو المنصرف ، ومن سأله حاجةً لم يردّه إلّا بها ، أو بميسور من القول.
قوله عليه السلام : «ومن جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتّى يكون هو المنصرف» فمن عظيم شأنه وسموّ أخلاقه كان يعاشر مع جميع طبقات اُمّته بكل رحاب الصدر ، وصبر واطمينان ، ولم يكن يفارقهم حتّى يكونوا هم المنصرفون عنه ، وإذا صافح رجلاً أو صافحه لم ينزع يده من يده حتّى يكون الرجل هو الذي ينزع يده منه.
أخرجه البيهقي : بإسناده عن أنس بن مالك ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه واله إذا صافح أوصافحه الرجل ، لا ينزع يده من يده حتّى يكون الرجل هو الذي ينزع ، وإن استقبله بوجهه لا يصرفه عنه حتّى يكون الرجل ينصرف (١).
وفي حديث آخر : قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه واله أخذ بيد رجل فيترك يده حتّى يكون الرجل هو الذي يدع يده (٢).
وأخرجه الطبرسي : عن أنس بن مالك ، قال : وكان رسول الله صلى الله عليه واله إذا لقيه واحد من أصحابه قام معه فلم ينصرف حتّى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه ، وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناولها إيّاه فلم ينزع عنه حتّى يكون الرجل هو الذي ينزع منه (٣).
قوله عليه السلام : «ومن سأله حاجةً لم يردّه إلّا بها ، أو بميسور من القول» لقد كان رسول الله صلى الله عليه واله في فضيلة الجود والسخاء والبرّ والإحسان
__________________
١ ـ دلائل النبوّة : ج ١ ، ص ٣٢٠.
٢ ـ دلائل النبوّة : ج ١ ، ص ٣٢٠ ـ ٣٢١.
٣ ـ مكارم الأخلاق : ج ١ ، ص ٤٩.