قوله تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (١٠٤) وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (١٠٦) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(١٠٧)
قوله : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ) الآية. في (يَوْمَ نَطْوِي) أوجه :
أحدها : أنه (١) منصوب ب «لا يحزنهم» (٢).
الثاني : أنه منصوب ب «تتلقاهم» (٣).
الثالث : أنه منصوب بإضمار (اذكر) أو (أعني) (٤).
الرابع : أنه بدل من العائد المقدر تقديره : توعدونه يوم نطوي ، ف «يوم» بدل من الهاء ، ذكره أبو البقاء (٥) وفيه نظر ، إذ يلزم من ذلك خلو الجملة الموصول بها من عائد على الموصول ، ولذلك منعوا جاء الذي مررت به أبي عبد الله ، على أن يكون (أبي عبد الله) بدلا من الهاء لما ذكر (٦) ، وإن كان في المسألة خلاف.
الخامس : منصوب بالفزع ، قاله الزمخشري (٧) ، وفيه نظر من حيث إنه أعمل المصدر الموصوف قبل أخذه معموله (٨). وقد تقدم أن نافعا يقرأ «يحزن» بضم الياء إلا هنا ، وأن شيخه ابن القعقاع يقرأ «يحزن» بالفتح إلا هنا (٩).
__________________
(١) أنه : سقط من الأصل.
(٢) انظر الكشاف ٣ / ٢٢ ، التبيان ٢ / ٩٢٨ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٢.
(٣) المراجع السابقة.
(٤) انظر التبيان ٢ / ٩٢٨ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٢.
(٥) التبيان ٢ / ٩٢٨.
(٦) في ب : لما ذكره. وذلك لأنّ المبدل منه في حكم الطرح وإحلال البدل محله ، وهنا يمتنع إحلال البدل محل المبدل منه ، لما يلزم من خلو صلة الموصول من العائد ، فعلى هذا يكون النظر موجودا ، ومذهب سيبويه أنّ المبدل منه ليس مهدرا بالكلية ، لأنه قد يحتاج إليه لغرض آخر ، كقولك : زيد رأيت غلامه رجلا صالحا. فلو ذهبت تهدر الأول لم يصح كلامك. انظر شرح التصريح ٢ / ١٣٢ ـ ١٣٣.
(٧) الكشاف ٣ / ٢٢.
(٨) وذلك لأنه يشترط في المصدر العامل عمل الفعل أن يكون غير منعوت قبل تمام عمله ، فلا يجوز أعجبني ضربك المبرح زيدا ، وذلك لأن المصدر المقدر بالحرف المصدري والفعل مع معموله كالموصول مع صلته فلا يتقدم ما يتعلق به عليه كما لا يتقدم شيء من الصلة على الموصول ، ولا يفصل بينهما بأجنبي كما لا يفصل بين الموصول والصلة. فإن ورد ما يوهم ذلك قدّر فعل بعد النعت يتعلق به المعمول المتأخر. انظر الأشموني ٢ / ٢٨٦ ـ ٢٩١.
(٩) [آل عمران : ١٧٦]. عند قوله تعالى :«وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً.