(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٢٨)
____________________________________
غالبا على كل شىء (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ) أى عاونوا الأحزاب المردودة (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) وهم بنو قريظة (مِنْ صَياصِيهِمْ) من حصونهم جميع صيصية وهى ما يتحصن به ولذلك يقال لقرن الثور والظبى وشوكة الديك (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) الخوف الشديد بحيث أسلموا أنفسهم للقتل وأهليهم وأولادهم* للأسر حسبما ينطق به قوله تعالى (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) من غير أن يكون من جهتهم حراك فضلا عن المخالفة والاستعصاء روى أن جبريل عليهالسلام أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم صبيحة الليلة التى انهزم فيها الأحزاب ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا السلاح فقال أتنزع لأمتك والملائكة ما وضعوا السلاح إن الله يأمرك أن تسير إلى بنى قريظة وأنا عامد إليهم فأذن فى الناس أن لا يصلوا العصر إلا ببنى قريظة فحاصروهم إحدى وعشرين أو خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار فقال لهم تنزلون على حكمى فأبوا فقال على حكم سعد بن معاذ فرضوا به فحكم سعد بقتل مقاتليهم وسبى ذراريهم ونسائهم فكبر النبى صلىاللهعليهوسلم وقال لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة فقتل منهم ستمائة مقاتل وقيل من ثمانمائة إلى تسعمائة وأسر سبعمائة وقرىء تأسرون بضم السين كما قرىء الرعب بضم العين ولعل تأخير المفعول فى الجملة الثانية مع أن مساق الكلام لتفصيله وتقسيمه كما فى قوله تعالى (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) وقوله تعالى (فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) لمراعاة الفواصل (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ) أى حصونهم (وَأَمْوالَهُمْ) نقودهم وأثاثهم ومواشيهم روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار فقالت الأنصار فى ذلك فقال صلىاللهعليهوسلم إنكم فى منازلكم فقال عمر رضى الله عنه أما تخمس كما خمست يوم بدر فقال صلىاللهعليهوسلم لا إنما جعلت هذه لى طعمة دون الناس قالوا رضينا بما صنع الله ورسوله (وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) أى أورثكم فى علمه وتقديره أرضا لم تقبضوها بعد كفارس والروم وقيل كل أرض تفتح إلى يوم القيامة وقيل خيبر (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) فقد شاهدتم بعض مقدوراته من إيراث الأراضى التى تسلمتموها فقيسوا عليها ما عداها (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا) أى السعة والتنعم فيها (وَزِينَتَها) وزخافها (فَتَعالَيْنَ) أى أقبلن بارادتكن واختيار كن لأحدى الخصلتين كما يقال أقبل يخاصمنى وذهب يكلمنى وقام يهددنى (أُمَتِّعْكُنَّ) بالجزم جوابا للأمر وكذا (وَأُسَرِّحْكُنَّ) أى أعطكن المتعة وأطلقكن (سَراحاً جَمِيلاً) طلاقا من غير ضرار وقرىء بالرفع على الاستئناف روى أنهن سألنه صلىاللهعليهوسلم ثياب الزينة وزيادة النفقة فنزلت فبدأ بعائشة