(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٣٩) ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٤٢)
____________________________________
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) صفة للذين خلوا أو مدح لهم بالنصب أو بالرفع وقرىء رسالة الله (وَيَخْشَوْنَهُ) فى كل ما يأتون ويذرون لا سيما فى أمر تبليغ الرسالة حيث لا يخرمون منها حرفا ولا تأخذهم فى ذلك لومة لاثم (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) فى وصفهم بقصرهم الخشية على الله تعالى تعريض بما صدر عنه صلىاللهعليهوسلم من الاحتراز عن لائمة الخلق بعد التصريح فى قوله تعالى (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) كافيا للمخاوف فينبغى أن لا يخشى غيره أو محاسبا على الصغيرة والكبيرة فيجب أن يكون حق الخشية منه تعالى (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) أى على الحقيقة حتى يثبت بينه وبينه ما يثبت بين الوالد وولده من حرمة المصاهرة وغيرها ولا ينتقض عمومه بكونه صلىاللهعليهوسلم أبا الطاهر والقاسم وإبراهيم لأنهم لم يبلغوا الحلم ولو بلغوا لكانوا رجالاله صلىاللهعليهوسلم لالهم (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) أى كان رسولا لله وكل رسول أبو أمته لكن لا حقيقة بل بمعنى أنه شفيق ناصح لهم وسبب لحياتهم الأبدية وما زيد إلا واحد من رجالكم الذين لا ولادة بينهم وبينه صلىاللهعليهوسلم فحكمه حكمهم وليس للتبنى والادعاء حكم سوى التقريب والاختصاص (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) أى كان آخرهم الذى ختموا به وقرىء بكسر التاء أى كان خاتمهم ويؤيده قراءة ابن مسعود ولكن نبيا ختم النبيين وأيا ما كان فلو كان له ابن بالغ لكان نبيا ولم يكن هو صلىاللهعليهوسلم خاتم النبيين كما يروى أنه قال فى إبراهيم حين توفى لو عاش لكان نبيا ولا يقدح فيه نزول عيسى بعده عليهماالسلام لأن معنى كونه خاتم النبيين أنه لا ينبأ أحد بعده وعيسى ممن نبىء قبله وحين ينزل إنما ينزل عملا على شريعة محمد صلىاللهعليهوسلم مصليا إلى قبلته كأنه بعض أمته (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) ومن جملته هذه الأحكام والحكم التى بينها لكم وكنتم منها فى شك مريب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ) بما هو أهله من التهليل والتحميد والتمجيد والتقديس (ذِكْراً كَثِيراً) يعم الأوقات والأحوال (وَسَبِّحُوهُ) ونزهوه عما لا يليق به (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) أى أول النهار وآخره على أن تخصيصهما بالذكر ليس لقصر التسبيح عليهما دون سائر الأوقات بل لإبانة فضلهما على سائر الأوقات لكونهما مشهودين كأفراد التسبيح من بين الأذكار مع اندراجه فيها لكونه العمدة فيها وقيل كلا الفعلين متوجه إليهما كقولك صم وصل يوم الجمعة وقيل المراد بالتسبيح الصلاة.