(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢) يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) (٦٧)
____________________________________
لأن ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) أى سن الله ذلك فى الأمم الماضية سنة وهى أن يقتل الذين نافقوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وسعوا فى توهين أمرهم بالإرجاف ونحوه أينما ثقفوا (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) أصلا لا بتنائها على أساس الحكمة التى عليها يدور فلك التشريع (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ) أى عن وقت قيامها كان المشركون يسألونه صلىاللهعليهوسلم عن ذلك استعجالا بطريق الاستهزاء واليهود امتحانا لما أن الله تعالى عمى وقتها فى التوراة وسائر الكتب (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) * لا يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا وقوله تعالى (وَما يُدْرِيكَ) خطاب مستقل له صلىاللهعليهوسلم غير داخل تحت الأمر مسوق لبيان أنها مع كونها غير معلومة للخلق مرجوة المجىء عن قريب أى أى شىء يعلمك* بوقت قيامها أى لا يعلمك به شىء أصلا (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) أى شيئا قريبا أو تكون الساعة فى وقت قريب وانتصابه على الظرفية ويجوز أن يكون التذكير باعتبار أن الساعة فى معنى اليوم أو الوقت وفيه تهديد للمستعجلين وتبكيت للمتعنتين والإظهار فى حيز الإضمار للتهويل وزيادة التقرير وتأكيد استقلال الجملة كما أشير إليه (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ) على الإطلاق أى طردهم وأبعدهم من رحمته العاجلة والآجلة (وَأَعَدَّ لَهُمْ) مع ذلك (سَعِيراً) نارا شديدة الاتقاد يقاسونها فى الآخرة (خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا) يحفظهم (وَلا نَصِيراً) يخلصهم منها (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) ظرف لعدم الوجدان وقيل لخالدين وقيل لنصيرا وقيل مفعول لا ذكر أى يوم تصرف وجوههم فيها من جهة إلى جهة كلحم يشوى فى النار أو يطبخ فى القدر فيدور به الغليان من جهة إلى جهة أو من حال إلى حال أو يطرحون فيها مقلوبين منكوسين وقرىء تقلب بحذف إحدى التاءين من تتقلب ونقلب بإسناد الفعل إلى نون العظمة ونصب وجوههم وتقلب بإسناده إلى السعير وتخصيص الوجوه بالذكر لما أنها أكرم الأعضاء ففيه مزيد تفظيع للأمر وتهويل للخطب ويجوز أن* تكون عبارة عن كل الجسد فقوله تعالى (يَقُولُونَ) استئناف مبنى على سؤال نشأ من حكاية حالهم الفظيعة كأنه قيل فماذا يصنعون عند ذلك فقيل يقولون متحسرين على ما فانهم (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) فلا نبتلى بهذا العذاب أو حال من ضمير وجوههم أو من نفسها أو هو العامل فى يوم (وَقالُوا)