(رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧١)
____________________________________
عطف على (يَقُولُونَ) والعدول إلى صيغة الماضى للإشعار بأن قولهم هذا ليس مستمرا كقولهم السابق بل هو ضرب اعتذار أرادوا به ضربا من التشفى بمضاعفة عذاب الذين ألقوهم فى تلك الورطة وإن علموا عدم قبوله فى حق خلاصهم منها (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا) يعنون قادتهم الذين لقنوهم الكفر* وقرىء ساداتنا للدلالة على الكثرة والتعبير عنهم بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار وإلا فهم فى مقام التحقير والإهانة (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) بما زينوا لنا من الأباطيل والألف للإطلاق كما فى وأطعنا الرسولا (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ) أى مثلى العذاب الذى آتيناه لأنهم ضلوا وأضلوا (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) أى شديدا عظيما وقرىء كثيرا وتصدير الدعاء بالنداء مكررا للمبالغة فى الجؤار واستدعاء الإجابة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) قيل نزلت فى شأن زيد وزينب وما سمع فيه من قالة الناس (فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا) أى فأظهر براته صلىاللهعليهوسلم مما قالوا فى حقه أى من مضمونه ومؤداه الذى هو الأمر المعيب وذلك أن قارون أغرى مومسة على قذفه عليه الصلاة والسلام بنفسها بأن دفع إليها مالا عظيما فأظهر الله تعالى نزاهته عليه الصلاة والسلام عن ذلك بأن أقرت المومسة بالمصانعة الجارية بينها وبين قارون وفعل بقارون ما فعل كما فصل فى سورة القصص وقيل اتهمه ناس بقتل هرون عند خروجه معه إلى الطور فمات هناك فحملته الملائكة ومروا به حتى رأوه غير مقتول وقيل أحياه الله تعالى فأخبرهم ببراءته وقيل قذفوه بعيب فى بدنه من برص أو أدرة لفرط تستره حياء فأطلعهم الله تعالى على براءته بأن فر الحجر بثوبه حين وضعه عليه عند اغتساله والقصة مشهورة (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) ذا قربة ووجاهة* وقرىء وكان عبد الله وجيها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) أى فى كل ما تأتون وما تذرون لا سيما فى ارتكاب ما يكرهه فضلا عما يؤذى رسوله صلىاللهعليهوسلم (وَقُولُوا) فى كل شأن من الشئون (قَوْلاً سَدِيداً) قاصدا إلى الحق من سد يسد سدادا يقال سدد السهم نحو الرمية إذا لم يعدل به عن سمتها والمراد نهيهم عما خاضوا فيه من حديث زينب الجائر عن العدل والقصد (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) يوفقكم للأعمال الصالحة أو يصلحها بالقبول والإثابة عليها (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ويجعلها مكفرة باستقامتكم فى القول والعمل (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) فى الأوامر والنواهى التى من جملتها هذه التكليفات (فَقَدْ فازَ) فى الدارين (فَوْزاً عَظِيماً) * لا يقادر قدره ولا يبلغ غايته.