(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) (٥)
____________________________________
بالنصب على الاستثناء وقوله تعالى (يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أى بالمطر والنبات كلام مبتدأ على* التقادير لا محل له من الإعراب داخل فى حيز النفى والإنكار ولا مساغ لما قيل من أنه صفة أخرى لخالق مرفوعة المحل أو مجرورته لأن معناه نفى وجود خالق موصوف بوصفى المغايرة والرازقية معا من غير تعرض لنفى وجود ما اتصف بالمغايرة فقط ولا لما قيل من أنه الخبر للمبتدأ ولا لما قيل من أنه مفسر لمضمر ارتفع به قوله تعالى (مِنْ خالِقٍ) على الفاعلية أى هل يرزقكم من خالق الخ لما أن معناهما نفى رازقية خالق مغاير له تعالى من غير تعرض لنفى وجوده رأسا مع أنه المراد حتما ألا يرى إلى قوله تعالى (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فإنه استئناف مسوق لتقرير النفى المستفاد منه قصدا وجار مجرى الجواب عما يوهمه الاستفهام صورة فحيث كان هذا ناطقا بنفى الوجود تعين أن يكون ذلك أيضا كذلك قطعا والفاء فى قوله تعالى (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) لترتيب إنكار عدولهم عن التوحيد إلى الإشراك على ما قبلها كأنه قيل وإذا تبين تفرده تعالى بالألوهية والخالقية والرازقية فمن أى وجه تصرفون عن التوحيد إلى الشرك وقوله تعالى (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين خطابى الناس مسارعة إلى تسليته صلىاللهعليهوسلم بعموم البلية أولا والإشارة إلى الوعد والوعيد ثانيا أى وإن استمروا على أن يكذبوك فيما بلغت إليهم من الحق المبين بعد ما أقمت عليهم الحجة وألقمتهم الحجر فتأس بأولئك الرسل فى المصابرة على ما أصابهم من قبل قومهم فوضع موضعه ما ذكر اكتفاء بذكر السبب عن ذكر المسبب وتنكير الرسل للتفخيم الموجب لمزيد التسلية والتوجه إلى المصابرة أى رسل أولو شأن خطير وذوو عدد كثير (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) لا إلى غيره فيجازى كلا منك ومنهم بما أنتم عليه من الأحوال التى من جملتها* صبرك وتكذيبهم وفى الاقتصار على ذكر اختصاص المرجع بالله تعالى مع إبهام الجزاء ثوابا وعقابا من المبالغة فى الوعد والوعيد مالا يخفى وقرىء ترجع بفتح التاء من الرجوع والأول أدخل فى التهويل (يا أَيُّهَا النَّاسُ) رجوع إلى خطابهم وتكرير النداء لتأكيد العظة والتذكير (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) المشار إليه ٥ يرجع الأمور إليه تعالى من البعث والجزاء (حَقٌّ) ثابت لا محالة من غير خلف (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) بأن يذهلكم التمتع بمتاعها ويلهيكم التلهى بزخارفها عن تدارك ما يهمكم يوم حلول الميعاد والمراد نهيهم عن الاغترار بها وإن توجه النهى صورة إليها كما فى قوله تعالى (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ) وعفوه وكرمه تعالى (الْغَرُورُ) أى المبالغ فى الغرور وهو الشيطان بأن يمنيكم المغفرة مع الإصرار* على المعاصى قائلا اعملوا ما شئتم إن الله غفور يغفر الذنوب جميعا فإن ذلك وإن أمكن لكن تعاطى الذنوب بهذا التوقع من قبيل تناول السم تعويلا على دفع الطبيعة وتكرير فعل النهى للمبالغة فيه ولاختلاف الغرورين فى الكيفية وقرىء الغرور بالضم على أنه مصدر أو جمع غار كقعود جمع قاعد