(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (١٥) قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١٧)
____________________________________
عيسى عليهالسلام اثنين فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار صاحب يس فسألهما فأخبراه قال أمعكما آية فقالا نشفى المريض ونبرىء الأكمه والأبرص وكان له ولد مريض منذ سنتين فمسحاه فقام فآمن حبيب وفشا الخبر وشفى على أيديهما خلق وبلغ حديثهما إلى الملك وقال لهما ألنا إله سوى آلهتنا قالا نعم من أوجدك وآلهتك فقال حتى أنظر فى أمركما فتبعهما الناس وقيل ضربوهما وقيل حبسا ثم بعث عيسى عليهالسلام شمعون فدخل متنكرا وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا خبره إلى الملك فأنس به فقال له يوما بلغنى أنك حبست رجلين فهل سمعت ما يقولونه قال لا حال الغضب بينى وبين ذلك فدعا هما فقال شمعون من أرسلكما قالا الله الذى خلق كل شىء وليس له شريك فقال صفاه وأو جزا قالا يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال وما آيتكما قالا ما يتمنى الملك فدعا بغلام مطموس العينين فدعوا الله تعالى حتى انشق له بصر فأخذا بندقتين فوضعاهما فى حدقتيه فصارتا مقلتين ينظر بهما فقال له شمعون أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف قال ليس لى عنك سر إن إلهنا لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع وكان شمعون يدخل معهم على الصنم فيصلى ويتضرع وهم يحسبون أنه منهم ثم قال إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به فدعوا بغلام مات من سبعة أيام فقام وقال إنى أدخلت فى سبعة أودية من النار وإنى أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا وقال فتحت أبواب السماء فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة قال الملك من هم قال شمعون وهذان فتعجب الملك فلما رأى شمعون أن قوله قد أثر فيه نصحه فآمن وآمن قوم ومن لم يؤمن صاح عليهم جبريل عليهالسلام فهلكوا هكذا قالوا ولكن لا يساعده سياق النظم الكريم حيث اقتصر فيه على حكاية تماديهم فى العناد واللجاج وركوبهم متن المكابرة فى الحجاج ولم يذكر فيه ممن يؤمن أحد سوى حبيب ولو أن الملك وقوما من حواشيه آمنوا لكان الظاهر أن يظاهروا الرسل ويساعدوهم قبلوا فى ذلك أو قتلوا كدأب النجار الشهيد ولكان لهم فيه ذكر ما بوجه من الوجوه اللهم إلا أن يكون إيمان الملك بطريق الخفية على خوف من عناة ملئه فيعتزل عنهم معتذرا بعذر من الأعذار (قالُوا) أى أهل أنطاكية الذين لم يؤمنوا مخاطبين للثلاثة (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) من غير مزية لكم علينا موجبة لا ختصاصكم بما تدعونه ورفع بشر لانتقاض النفى المقتضى لإعمال ما بإلا (وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ) مما تدعونه من الوحى والرسالة (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) فى دعوى رسالته (قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) استشهدوا بعلم الله تعالى وهو يجرى مجرى القسم مع ما فيه من تحذيرهم معارضة علم الله تعالى وزادوا اللام المؤكدة لما شاهدوا منهم من شدة الإنكار (وَما عَلَيْنا) أى من جهة ربنا (إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أى إلا تبليغ رسالته تبليغا ظاهرا بينا