(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥) إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦) وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٥٧)
____________________________________
(يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) مرة على إيمانهم بكتابهم ومرة على إيمانهم بالقرآن (بِما صَبَرُوا) بصبرهم وثباتهم* على الإيمانين أو على الإيمان بالقرآن قبل النزول وبعده أو على أذى من هاجرهم أهل دينهم ومن المشركين (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أى يدفعون بالطاعة المعصية لقوله صلىاللهعليهوسلم وأتبع السيئة الحسنة تمحها (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فى سبيل الخير (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ) من اللاغين (أَعْرَضُوا عَنْهُ) عن اللغو تكرما كقوله تعالى (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (وَقالُوا) لهم (لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) بطريق المتاركة والتوديع (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) لا نطلب صحبتهم ولا نريد مخالطتهم (إِنَّكَ لا تَهْدِي) هداية موصلة إلى البغية لا محالة (مَنْ أَحْبَبْتَ) من الناس ولا تقدر على أن تدخله فى الإسلام وإن بذلت فيه غاية المجهود وجاوزت فى السعى كل حد معهود (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) أن يهديه فيدخله فى الإسلام (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) بالمستعدين لذلك والجمهور على أنها نزلت فى أبى طالب فإنه لما احتضر جاءه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال له يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج بها لك عند الله قال له يا ابن أخى قد علمت أنك لصادق ولكنى أكره أن يقال جزع عند الموت ولو لا أن يكون عليك وعلى نبى أبيك غضاضة بعدى لقلتها ولأقررت بها عينك عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصيحتك ولكنى سوف أموت على ملة الأشياخ عبد المطلب وهاشم وعبد مناف (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) نزلت فى الحرث بن عثمان ابن نوفل بن عبد مناف حيث أتى النبى صلىاللهعليهوسلم فقال نحن نعلم أنك على الحق ولكنا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب وإنما نحن أكلة رأس أن يتخطفونا من أرضنا فرد عليهم بقوله تعالى (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً) * أى ألم نعصمهم ولم نجعل مكانهم حرما ذا أمن لحرمة البيت الحرام الذى تتناحر العرب حوله وهم آمنون (يُجْبى إِلَيْهِ) وقرىء تجبى أى تجمع وتحمل إليه (ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) من كل أوب والجملة صفة أخرى* لحرما دافعة لما عسى يتوهم من تضررهم بانقطاع الميرة (رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) فإذا كان حالهم ما ذكروهم عبدة أصنام فكيف يخافون التخطف إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة التوحيد (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) * أى جهلة لا يتفطنون له ولا يتفكرون ليعلموا ذلك وقيل هو متعلق بقوله تعالى (مِنْ لَدُنَّا) أى قليل منهم يتدبرون فيعلمون أن ذلك رزق من عند الله تعالى إذ لو علموا لما خافوا غيره وانتصاب رزقا على أنه مصدر مؤكد لمعنى يجبى أو حال من ثمرات على أنه بمعنى مرزوق لتخصصها بالإضافة ثم بين أن الأمر بالعكس