(وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) (١٤٩)
____________________________________
أن الحوت سار مع السفينة رافعا رأسا يتنفس فيه يونس عليهالسلام ويسبح ولم يفارقهم حتى انتهوا إلى البر فلفظه سالما لم يتغير منه شىء فأسلموا وروى أن الحوت قذفه بساحل قرية من الموصل واختلف فى مقدار لبثه فقيل أربعون يوما وقيل عشرون وقيل سبعة وقيل ثلاثة وقيل لم يلبث إلا قليلا ثم أخرج من بطنه بعيد الوقت الذى التقم فيه روى عطاء أنه حين ابتلعه أوحى الله تعالى إلى الحوت إنى جعلت بطنك له سجنا ولم أجعله لك طعاما (وَهُوَ سَقِيمٌ) مما ناله قيل صار بدنه كبدن الطفل حين يولد (وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ) أى فوقه مظلة عليه (شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) وهو كل ما ينبسط على الأرض ولا يقوم على ساق كشجر البطيخ والقثاء والحنظل وهو يفعيل من قطن بالمكان إذا أقام به والأكثرون على أنه الدباء غطته بأوراقها عن الذباب فإنه لا يقع عليه ويدل عليه أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إنك تحب القرع قال أجل هى شجرة أخى يونس وقيل هى التين وقيل الموز تغطى بورقه واستظل بأغصانه وأفطر على ثماره وقيل كان يستظل بالشجرة وكانت وعلة تختلف إليه فيشرب من لبنها (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ) هم قومه الذين هرب منهم وهم أهل نينوى والمراد به إرساله السابق أخبر أولا بأنه من المرسلين على الإطلاق ثم أخبر بأنه قد أرسل إلى أمة جمة وكأن توسيط تذكير وقت هربه إلى الفلك وما بعده بينهما لتذكير سببه وهو ما جرى بينه عليه الصلاة والسلام وبين قومه من إنذاره إياهم عذاب الله تعالى وتعيينه لوقت حلوله وتعللهم وتعليقهم لإيمانهم بظهور أماراته كما مر تفصيله فى سورة يونس ليعلم أن إيمانهم الذى سيحكى بعد لم يكن عقيب الإرسال كما هو المتبادر من ترتيب الإيمان عليه بالفاء بل بعد اللتيا والتى وقيل هو إرسال آخر إليهم وقيل إلى غيرهم وليس بظاهر (أَوْ يَزِيدُونَ) أى فى مرأى الناظر فإنه إذا نظر إليهم قال إنهم مائة ألف أو يزيدون والمراد هو الوصف بالكثرة وقرىء بالواو (فَآمَنُوا) أى بعد ما شاهدوا علائم حلول العذاب إيمانا خالصا (فَمَتَّعْناهُمْ) أى بالحياة الدنيا (إِلى حِينٍ) قدره الله سبحانه لهم قيل ولعل عدم ختم هذه القصة وقصة لوط بما ختم به سائر القصص للتفرقة بينهما وبين أرباب الشرائع وأولى العزم من الرسل أو اكتفاء بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكورين فى آخر السورة (فَاسْتَفْتِهِمْ) أمر الله عزوجل فى صدر السورة الكريمة رسوله صلىاللهعليهوسلم بتبكيت قريش وإبطال مذهبهم فى إنكار البعث بطريق الاستفتاء وساق البراهين القاطعة الناطقة بتحققه لا محالة وبين وقوعه وما سيلقونه عند ذلك من فنون العذاب واستثنى منهم عباده المخلصين وفصل ما لهم من النعيم المقيم ثم ذكر أنه قد ضل من قبلهم أكثر الأولين