(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) (١٤)
____________________________________
نحو قولك أكلت شيئا ما وقيل للتعظيم على الهزء وهنالك إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم وقوله تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) الخ استئناف مقرر لمضمون ما قبله ببيان أحوال العتاة الطغاة الذين هؤلاء جند ما من جنودهم مما فعلوا من التكذيب وفعل بهم من العقاب وذو الأوتاد معناه ذو الملك الثابت أصله من ثبات البيت المطنب بأوتاد فاستعير لثبات الملك ورسوخ السلطنة واستقامة الأمر قال الأسود بن يعفر[ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة * فى ظل ملك ثابت الأوتاد] أو ذو الجموع الكثيرة سموا بذلك لأن بعضهم يشد بعضا كالوتد يشد البناء وقيل نصب أربع سوار وكان يمد يدى المعذب ورجليه إليها ويضرب عليها أوتادا ويتركه حتى يموت وقيل كان يمده بين أربعة أوتاد فى الأرض ويرسل عليه العقارب والحيات وقيل كانت له أوتاد وحبال يلعب بها بين يديه (وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) أصحاب الغيضة من قوم شعيب عليهالسلام وقوله تعالى (أُولئِكَ الْأَحْزابُ) إما بدل من الطوائف المذكورة كما أن ذلك الكتاب بدل من الم على أحد الوجوه وفيه فضل تأكيد وتنبيه على أنهم الذين جعل الجند المهزوم منهم وقوله تعالى (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) استئناف جىء به تقريرا لتكذيبهم وبيانا لكيفيته وتمهيدا لما يعقبه أى ما كل أحد من آحاد أولئك الأحزاب أو ما كل حز بمنهم كذب الرسل لأن تكذيب واحد منهم تكذيب لهم جميعا لاتفاق الكل على الحق وقيل ما كل حزب إلا كذب رسوله على نهج مقابلة الجمع بالجمع وأيا ما كان فالاستثناء مفرغ من أعم العلل فى خبر المبتدأ أى ما كل أحد منهم محكوما عليه بحكم إلا محكوم عليه بأنه كذب الرسل وقيل ما كل واحد منهم مخبرا عنه بخبر إلا مخبر عنه بأنه كذب الرسل وفى إسناد التكذيب إلى الطوائف المذكورة على وجه الإبهام أولا والإيذان بأن كلا منهم حزب على حياله تحزب على رسوله ثانيا وتبيين كيفية تكذيبهم بالجملة الاستثنائية ثالثا فنون من المبالغة مسجلة عليهم باستحقاق أشد العذاب وأفظعه ولذلك رتب عليه قوله تعالى (فَحَقَّ عِقابِ) أى ثبت ووقع على كل منهم عقابى الذى كانت توجبه جناياتهم من أصناف العقوبات المفصلة فى مواقعها وإما بالمبتدأ وقوله تعالى (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) خبره بحذف العائد أى إن كل منهم الخ والجملة استئناف مقرر لما قبله مؤكد لمضمرنه مع ما فيه من بيان كيفية تكذيبهم والتنبيه على أنهم الذين جعل الجند المهزوم منهم كما ذكر وقيل هو مبتدأ وخبر والمعنى أن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم وأنهم الذين وجد منهم التكذيب فتدبر وأما ما قيل من أنه خبر والمبتدأ قوله تعالى (وَعادٌ) الخ أو قوله (وَقَوْمُ لُوطٍ) الخ فمما يجب تنزيه ساحة التنزيل عن أمثاله.