(قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١) ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (١٢)
____________________________________
اليوم فإذا ظرف للمقت الأول وإن توسط بينهما الخبر لما فى الظروف من الاتساع وقيل لمصدر آخر مقدر أى مقته إياكم إذ تدعون وقيل مفعول لا ذكروا والأول هو الوجه وقيل كلا المقتين فى الآخرة وإذ تدعون تعليل لما بين الظرف والسبب من علاقة اللزوم والمعنى لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقتكم أنفسكم لما كنتم تدعون إلى الإيمان فتكفرون وتخصيص هذا الوجه بصورة كون المراد بأنفسهم أضرابهم مما لا داعى إليه (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) صفتان لمصدرى الفعلين المذكورين أى إماتتين وإحياءتين أو موتتين وحياتين على أنهما مصدران لهما أيضا بحذف الزوائد أو لفعلين يدل عليهما المذكوران فإن الإماتة والإحياء ينبئان عن الموت والحياة حتما كأنه قيل أمتنا فمتنا موتتين اثنتين وأحييتنا فحيينا حياتين اثنتين على طريقة قول من قال[وعضة دهريا ابن مروان لم تدع * من المال إلا مسحت أو بحلف؟؟؟] أى لم تدع فلم يبق إلا مسحت الخ قيل أرادوا بالإماتة الأولى خلقهم أمواتا وبالثانية إماتتهم عند انقضاء آجالهم على أن الإماتة جعل الشىء عادم الحياة أعم من أن يكون بإنشائه كذلك كما فى قولهم سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل أو بجعله كذلك بعد الحياة وبالإحياءين الإحياء الأول وإحياء البعث وقيل أرادوا بالإماتة الأولى ما بعد حياة الدنيا وبالثانية ما بعد حياة القبر وبالإحياءين ما فى القبر وما عند البعث وهو الأنسب بحالهم وأما حديث لزوم الزيادة على النص ضرورة تحقق حياة الدنيا فمدفوع لكن لا بما قيل من عدم اعتدادهم بها لزوالها وانقضائها وانقطاع آثارها وأحكامها بل بأن مقصودهم إحداث الاعتراف مما كانوا ينكرونه فى الدنيا كما ينطق به قولهم (فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) والتزام العمل بموجب ذلك الاعتراف ليتوسلوا* بذلك إلى ما علقوا به أطماعهم الفارغة من الرجع إلى الدنيا كما قد صرحوا به حيث قالوا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون وهو الذى أرادوه بقولهم (فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) مع نوع استبعاد له واستشعار* يأس منه لا أنهم قالوه بطريق القنوط البحت كما قيل ولا ريب فى أن الذى كان ينكرونه ويفرعون عليه فنون الكفر والمعاصى ليس إلا الإحياء بعد الموت وأما الإحياء الأول فلم يكونوا ينكرونه لينظموه فى سلك ما اعترفوا به وزعموا أن الاعتراف يجديهم نفعا وإنما ذكروا الموتة الأولى مع كونهم معترفين بها فى الدنيا لتوقف حياة القبر عليها وكذا حال الموتة فى القبر فإن مقصدهم الأصلى هو الاعتراف بالإحياءين وإنما ذكروا الإماتتين لترتيبهما عليهما ذكرا حسب ترتيبهما عليهما وجودا وتنكير سبيل للإبهام أى من سبيل ما كيفما كان وقوله تعالى (ذلِكُمْ) الخ جواب لهم باستحالة حصول ما يرجونه ببيان ما يوجبها من أعمالهم السيئة أى ذلكم الذى أنتم فيه من العذاب مطلقا لا مقيدا بالخلود كما قيل (بِأَنَّهُ) أى بسبب أن الشأن (إِذا دُعِيَ اللهُ) فى الدنيا أى عبد (وَحْدَهُ) أى منفردا (كَفَرْتُمْ) أى بتوحيده (وَإِنْ