(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٢٥) وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) (٢٦)
____________________________________
مِنْ واقٍ) أى من واق يقيهم عذاب الله (ذلِكَ) أى ما ذكر من الأخذ (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنهم (كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أى بالمعجزات أو بالأحكام الظاهرة (فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ) متمكن مما يريد غاية التمكن (شَدِيدُ الْعِقابِ) لا يؤبه عند عقابه بعقاب (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) وهى معجزاته (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) أى وحجة قاهرة وهى إما عين الآيات والعطف لتغاير العنوانين وإما بعض مشاهيرها كالعصا أفردت بالذكر مع اندارجها تحت الآيات لا نافها إفراد جبريل وميكال به مع دخولهما فى الملائكة عليهمالسلام (إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ) أى فيما أظهره من المعجزات وفيما ادعاه من رسالة رب العالمين (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا) وهو ما ظهر على يده من المعجزات القاهرة (قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ) كما قال فرعون سنقتل أبناءهم ونستحيى نساءهم أى أعيدوا عليهم ما كنتم تفعلونه أولا وكان فرعون قد كف عن قتل الولدان فلما بعث صلىاللهعليهوسلم وأحس بأنه قد وقع ما وقع أعاده عليهم غيظا وحنقا وزعما منه أنه يصدهم بذلك عن مظاهرته ظنا منهم أنه المولود الذى حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملكهم على يده (وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أى فى ضياع وبطلان لا يغنى عنهم* شيئا وينفذ عليهم لا محالة القدر المقدور والقضاء المحتوم واللام إما للعهد والإظهار فى موقع الإضمار لذمهم بالكفر والإشعار بعلة الحكم أو للجنس وهم داخلون فيه دخول أولياء والجملة اعتراض جىء به فى تضاعيف ما حكى عنهم من الأباطيل للمسارعة إلى بيان بطلان ما أظهروه من الإبراق والإرعاد واضمحلاله بالمرة (وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) كان ملؤه إذا هم بقتله عليه الصلاة والسلام كفوه بقولهم ليس هذا بالذى تخافه فإنه أقل من ذلك وأضعف وما هو إلا بعض السحرة وبقولهم إذا قتلته أدخلت على الناس شبهة واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجة وعدلت إلى المقارعة بالسيف والظاهر من دهاء اللعين ونكارته أنه كان قد استيقن أنه نبى وأن ما جاء به آيات باهرة وما هو بسحر ولكن كان يخاف إن هم بقتله أن يعاجل بالهلاك وكان قوله هذا تمويها على قومه وإيهاما أنهم هم الكافرون له عن قتله