(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (٥٩) وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١) ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٦٣) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٦٤)
____________________________________
أى تذكرا قليلا تتذكرون وقرىء على الغيبة والضمير للناس أو الكفار (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) أى فى مجيئها لوضوح شواهدها وإجماع الرسل على الوعد بوقوعها (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) لا يصدقون بها لقصور أنظارهم على ظواهر ما يحسون به (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي) أى اعبدونى (أَسْتَجِبْ لَكُمْ) أى أنبكم لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) أى صاغرين أذلاء وإن فسر الدعاء بالسؤال كان الأمر الصارف عنه منزلا منزلة الاستكبار عن العبادة للمبالغة أو المراد بالعبادة الدعاء فإنه من أفضل أبوابها وقرىء سيدخلون على صيغة المبنى للمفعول من الإدخال (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) بأن خلقه باردا مظلما ليؤدى إلى ضعف الحركات وهذه الحواس* لتستريحوا فيه وتقديم الجار والمجرور على المفعول قد مر سره مرارا (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أى مبصرا فيه أو به (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ) عظيم لا يوازيه ولا يدانيه فضل (عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) لجهلهم بالمنعم وإغفالهم مواضع النعم وتكرير الناس لتخصيص الكفران بهم (ذلِكُمُ) المتفرد بالأفعال المقتضية للألوهية والربوبية (اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أخبار مترادفة تخصص اللاحقة منها السابقة وتقررها وقرىء خالق بالنصب على الاختصاص فيكون لا إله إلا هو استئنافا بما هو كالنتيجة للأوصاف المذكورة (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) فكيف ومن أى وجه تصرفون عن عبادته خاصة إلى عبادة غيره (كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) أى مثل ذلك الإفك العجيب الذى لا وجه له ولا مصحح أصلا يؤفك كل من جحد بآياته تعالى أى آية كانت لا إفكا آخر له وجه ومصحح فى الجملة (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً) بيان لفضله تعالى المتعلق بالمكان بعد بيان فضله المتعلق* بالزمان وقوله تعالى (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) بيان لفضله المتعلق بأنفسهم والفاء فى فأحسن تفسيرية