(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٨٥)
____________________________________
يَكْسِبُونَ) ما الأولى نافية أو استفهامية منصوبة بأغنى والثانية موصولة أو مصدرية مرفوعة أى لم يغن عنهم أو أى شىء أغنى عنهم مكسوبهم أو كسبهم (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات أو بالآيات الواضحة (فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أى أظهروا الفرح بذلك وهو ما لهم من العقائد الزائغة والشبه الداحضة وتسميتها علما للتهكم بهم أو علم الطبائع والتنجيم والصنائع ونحو ذلك أو هو علم الأنبياء الذى أظهره رسلهم على أن معنى فرحهم به ضحكهم منه واستهزاؤهم به ويؤيده قوله تعالى (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) وقيل الفرح أيضا للرسل فإنهم لما شاهدوا تمادى جهلهم وسوء عاقبتهم فرحوا بما أوتوا من العلم المؤدى إلى حسن العاقبة وشكروا الله عليه وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) شدة عذابنا ومنه قوله تعالى (بِعَذابٍ بَئِيسٍ (قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) يعنون الأصنام (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) أى عند رؤية عذابنا لامتناع قبوله حينئذ ولذلك قيل فلم يك بمعنى لم يصح ولم يستقم والفاء الأولى بيان عاقبة كثرتهم وشدة قوتهم وما كانوا يكسبون بذلك زعما منهم أن يغنى عنهم فلم يترتب عليه إلا عدم الإغناء فبهذا الاعتبار جرى مجرى النتيجة وإن كان عكس الغرض ونقيض المطلوب كما فى قولك وعظته فلم يتعظ والثانية تفسير وتفصيل لما أبهم وأجمل من عدم الإغناء وقد كثر فى الكلام مثل هذه الفاء ومبناها على التفسير بعد الإبهام والتفصيل بعد الإجمال والثالثة لمجرد التعقيب وجعل ما بعدها تابعا لما قبلها واقعا عقيبه لأن مضمون قوله تعالى (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ) الخ هو أنهم كفروا فصار مجموع الكلام بمنزلة أن يقال فكفروا ثم لما رأوا بأسنا آمنوا والرابعة للعطف على آمنوا كأنه قيل فآمنوا فلم ينفعهم لأن النافع هو الإيمان الاختيارى (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) * أى سن الله تعالى ذلك سنة ماضية فى العباد وهو من المصادر المؤكدة (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) أى* وقت رؤيتهم البأس على أنه اسم مكان قد استعير للزمان كما سلف آنفا. عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قرا سورة المؤمن لم يبق روح نبى ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن إلا صلّى عليه واستغفر له.
(تم الجزء السابع ويليه الجزء الثامن وأوله سورة فصلت)