(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ (١١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١٢)
____________________________________
الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) أى فى زمرة الراسخين فى الصلاح والكمال فى الصلاح منتهى درجات المؤمنين وغاية مأمول أنبياء الله المرسلين قال الله تعالى حكاية عن سليمان عليهالسلام (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) وقال فى حق إبراهيم عليهالسلام (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) أو فى مدخل الصالحين وهو الجنة (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ) أى فى شأنه تعالى بأن عذبهم الكفرة على الإيمان (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ) أى ما يصيبه من أذيتهم (كَعَذابِ اللهِ) فى الشدة والهول فيرتد عن الدين مع أنه لا قدر لها عند نفحة من عذابه تعالى أصلا (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ) أى فتح وغنيمة (لَيَقُولُنَّ) بضم اللام نظرا إلى معنى من كما أن الإفراد فيما سبق بالنظر إلى لفظها وقرىء بالفتح (إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) أى مشايعين لكم فى الدين فأشركونا فى المغنم وهم ناس من ضعفة المسلمين كانوا إذا مسهم أذى من الكفار* وافقوهم وكانوا يكتمونه من المسلمين فرد عليهم ذلك بقوله تعالى (أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) أى بأعلم منهم بما فى صدورهم من الإخلاص والنفاق حتى يفعلوا ما يفعلون من الارتداد والإخفاء عن المسلمين وادعاء كونهم منهم لنيل الغنيمة وهذا هو الأوفق لما سبق ولما لحق من قوله تعالى (وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) أى بالإخلاص (وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) سواء كان كفرهم بأذية الكفرة أو لا أى ليجزينهم بمالهم من الإيمان والنفاق (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا) بيان لحملهم للمؤمنين على الكفر بالاستمالة بعد بيان حملهم لهم عليه بالأذية والوعيد وصفهم بالكفر ههنا دون ما سبق لما أن مساق الكلام لبيان* جناياتهم وفيما سبق لبيان جناية من أضلوه واللام للتبليغ أى قالوا مخاطبين لهم (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا) أى اسلكوا طريقتنا التى نسلكها فى الدين عبر عن ذلك بالاتباع الذى هو المشى خلف ماش آخر تنزيلا* للمسلك منزلة السالك فيه أو اتبعونا فى طريقتنا (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) أى إن كان ذلك خطيئة يؤاخذ عليها بالبعث كما تقولون وإنما أمروا أنفسهم بالحمل عاطفين له على أمرهم بالاتباع للمبالغة فى تعليق الحمل بالاتباع والوعد بتخفيف الأوزار عنهم إن كان ثمة وزر فرد عليهم بقوله تعالى (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) وقرىء من خطيآتهم أى وما هم بحاملين شيئا من خطاياهم التى التزموا أن يحملوا كلها* على أن من الأولى للتبيين والثانية مزيدة للاستغراق والجملة اعتراض أو حال (إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) حيث أخبروا فى ضمن وعدهم بالحمل بأنهم قادرون على إنجاز ما وعدوا فإن الكذب كما يتطرق إلى الكلام باعتبار