(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٧) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) (٩)
____________________________________
إليها (إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) فلا حاجة له إلى طاعتهم وإنما أمرهم بها تعريضا لهم للثواب بموجب رحمته (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) الكفر بالإيمان والمعاصى بما يتبعها من الطاعات (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) أى أحسن جزاء أعمالهم لا جزاء أحسر أعمالهم فقط (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) أى بإيتاء والديه وإيلائهما فعلا ذا حسن أو ما هو فى حد ذاته حسن لفرط حسنه كقوله تعالى (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) ووصى يجرى مجرى أمر معنى وتصرفا غير أنه يستعمل فيما كان فى المأمور به نفع عائد إلى المأمور أو غيره وقيل هو بمعنى قال فالمعنى وقلنا أحسن بوالديك حسنا وقيل انتصاب حسنا بمضمر على تقدير قول مفسر للتوصية أى وقلنا أولهما أو افعل بهما حسنا وهو أوفق لما بعده وعليه يحسن الوقف على بوالديه وقرىء حسنا وإحسانا (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أى بالهيته عبر عن نفيها بنفى العلم بها للإيذان بأن مالا يعلم صحته لا يجوز اتباعه وإن لم يعلم بطلانه فكيف بما علم بطلانه (فَلا تُطِعْهُما) فى ذلك فإنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ولا بد من إضمار* القول إن لم يضمر فيما قبل وفى تعليق النهى عن طاعتهما بمجاهدتهما فى التكاليف إشعار بأن موجب النهى فيما دونها من التكليف ثابت بطريق الأولوية (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) أى مرجع من آمن منكم ومن أشرك ومن بر بوالديه ومن عق (فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بأن أجازى كلا منكم بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر* والآية نزلت فى سعد بن أبى وقاص رضى الله تعالى عنه عند إسلامه حيث حلفت أمه حمنة بنت أبى سفيان ابن أمية أن لا تنتقل من الضح إلى الظل ولا تطعم ولا تشرب حتى يرتد فلبثت ثلاثة أيام كذلك وكذا التى فى سورة لقمان وسورة الأحقاف وقيل نزلت فى عياش بن أبى ربيعة المخزومى وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه حتى نزلا المدينة فخرج أبو جهل والحرث أخواه لأمه أسماء فنزلا بعياش وقالا له إن من دين محمد صلىاللهعليهوسلم صلة الأرحام وبر الوالدين وقد تركت أمك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوى بيتا حتى تراك فاخرج معنا وفتلا منه فى الذروة والغارب واستشار عمر رضى الله عنه فقال هما يخدعانك ولك على أن أقسم مالى بينى وبينك فما زالا به حتى أطاعهما وعصى عمر رضى الله عنه فقال عمر رضى الله عنه أما إذا عصيتنى فخذ ناقتى فليس فى الدنيا بعير يلحقها فإن رابك منهما ريب فارجع فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل إن ناقتى قد كلت فاحملنى معك فنزل ليوطىء لنفسه وله فأخذاه فشداه وثاقا وجلده كل واحد مائة جلدة وذهبا به إلى أمه فقالت لا تزال فى عذاب حتى ترجع عن دين محمد (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا