(أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ (٣١) قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٣٢)
____________________________________
(أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) وتتعرضون السابلة اى بالفاحشة حيث روى أنهم كانوا كثيرا ما يفعلونها بالغرباء وقيل تقطعون سبيل النساء بالإعراض عن الحرث وإتيان ما ليس بحرث وقيل* تقطعون السبيل بالقتل واخذ المال (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ) أى تفعلون فى مجلسكم الجامع لأصحابكم (الْمُنْكَرَ) كالجماع والضراط وحل الإزار وغيرها مما لا خير فيه من الأفاعيل المنكرة وعن ابن عباس رضى الله عنهما هو الحذف بالحصى والرمى بالبنادق والفرقعة ومضغ العلك والسواك بين الناس وحل الإزار* والسباب والفحش فى المزاح وقيل السخرية بمن مر بهم وقيل المجاهرة فى ناديهم بذلك العمل (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أى فما كان جوابا من جهتهم شىء من الأشياء إلا هذه الكلمة الشنيعة أى لم يصدر عنهم فى هذه المرة من مرات مواعظ لوط عليهالسلام وقد كان أوعدهم فيها بالعذاب وأما ما فى سورة الأعراف من قوله تعالى (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) الآية وما فى سورة النمل من قوله تعالى (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) الآية فهو الذى صدر عنهم بعده هذه المرة وهى المرة الأخيرة من مرات المقاولات الجارية بينهم وبينه عليه الصلاة والسلام وقد مر تحقيقه فى سورة الأعراف (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي) أى بإنزال العذاب الموعود (عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) بابتداع الفاحشة وسنها فيمن بعدهم والإصرار عليها واستعجال العذاب بطريق الاستهزاء وإنما وصفهم بذلك مبالغة فى استنزال العذاب عليهم (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) أى بالبشارة بالولد والنافلة (قالُوا) أى لإبراهيم عليهالسلام فى تضاعيف الكلام حسبما فصل فى سورة هود وسورة الحجر (إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) أى قرية سدوم والإضافة لفظية لأن المعنى على الاستقبال (إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ) تعليل للإهلاك بإصرارهم على الظلم وتماديهم فى فنون الفساد وأنواع المعاصى (قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً) فكيف تهلكونها (قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ) أرادوا أنهم غير غافلين عن مكان لوط عليهالسلام فيها بل عمن لم يتعرض له إبراهيم عليهالسلام من أتباعه المؤمنين وأنهم معتنون بشأنهم أتم اعتناء حسبما ينبىء عنه تصدير الوعد بالتنجية بالقسم أى والله لننجينه وأهله (إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) أى الباقين فى العذاب أو القرية.