(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٣) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٣٥) وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) (٣٧)
____________________________________
(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا) المذكورون بعد مفارقتهم لإبراهيم عليهالسلام (لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) اعتراه المساءة بسبهم مخافة أن يتعرض لهم قومه بسوء وكلمة أن صلة لتأكيد ما بين الفعلين من الاتصال (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) أى ضاق بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعه أى طاقته كقولهم ضاقت يده وبإزائه وحب ذرعه بكذا إذا كان مطيقا به قادرا عليه وذلك أن طويل الذراع ينال مالا يناله قصير الذراع (وَقالُوا) حيثما شاهدوا* فيه مخايل التضجر من جهتهم وعاينوا أنه قد عجز عن مدافعة قومه بعد اللتيا والتى حتى آلت به الحال إلى أن قال (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (لا تَخَفْ) أى من قومك علينا (وَلا تَحْزَنْ) أى على شىء وقيل بإهلاكنا إياهم (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) مما يصيبهم من العذاب (إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) * وقرىء لننجينك ومنجوك من الإنجاء وأياما كان فمحل الكاف الجر على المختار ونصب أهلك بإضمار فعل أو بالعطف على محلها باعتبار الأصل (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) استئناف مسوق لبيان ما أشير إليه بوعد التنجية من نزول العذاب عليهم والرجز العذاب الذى يقلق المعذب أى يزعجه من قولهم ارتجز إذا ارتجس واضطرب وقرىء منزلون بالتشديد (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) بسبب فسقهم المستمر (وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها) أى من القرية (آيَةً بَيِّنَةً) هى قصتها العجيبة وآثار ديارها الخربة وقيل الحجارة الممطورة فإنها كانت باقية بعدها وقيل الماء الأسود على وجه الأرض (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يستعملون عقولهم فى الاستبصار والاعتبار وهو متعلق إما بتركنا أو بينة (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) متعلق بمضمر معطوف على أرسلنا فى قصة نوح عليهالسلام أى وأرسلنا إلى مدين شعيبا (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) وحده (وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) أى توقعوه وما سيقع فيه من فنون الأهوال وافعلوا اليوم من الأعمال ما تأمنون غائلته وقيل وارجوا ثوابه بطريق إقامة المسبب مقام السبب وقيل الرجاء بمعنى الخوف (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أى الزلزلة الشديدة وفى سورة هود وأخذت الذين ظلموا الصيحة أى صيحة جبريل عليهالسلام فإنها الموجبة للرجفة بسبب تمويجها للهواء وما يجاورها من