(وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩) فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(٤٠) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٤١)
____________________________________
الأرض (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) أى بلدهم أو منازلهم والإفراد لأمن اللبس (جاثِمِينَ) باركين على الركب ميتين (وَعاداً وَثَمُودَ) منصوبان بإضمار فعل ينبىء عنه ما قبله أى أهلكنا وقرىء ثمودا بتأويل الحى (وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ) أى وقد ظهر لكم إهلاكنا إياهم من جهة مساكنهم بالنظر إليها عند اجتيازكم بها ذهابا إلى الشام وإيابا منه (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) من فنون الكفر والمعاصى (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) السوى الموصل إلى الحق (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) متمكنين من النظر والاستدلال ولكنهم لم يفعلوا ذلك أو متبينين أن العذاب لا حق بهم بإخبار الرسل عليهم الصلاة والسلام لهم ولكنهم لجوا حتى لقوا مالقوا (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) معطوف على (عاداً) قيل تقديم قارون لشرف نسبه (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ) مفلتين فائتين من قولهم سبق طالبه إذا فانه ولم يدركه ولقد أدركهم أمر الله عزوجل أى إدراك فتداركوا نحو الدمار والهلاك (فَكُلًّا) تفسير لما ينبىء عنه عدم سبقهم بطريق الإبهام أى فكل واحد من المذكورين (أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) أى عاقبناه بجنايته لا بعضه دون بعض كما يشعر به تقديم المفعول (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) تفصيل للأخذ أى ريحا عاصفا فيها حصباء وقيل ملكا رماهم بهاؤهم قوم لوط (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) كمدين وثمود (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) كقارون (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) كقوم نوح وفرعون وقومه (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) بما فعل بهم فإن ذلك محال من جهته تعالى (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بالاستمرار على مباشرة ما يوجب ذلك من أنواع الكفر والمعاصى (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ) أى فيما اتخذوه متعمدا ومتكلا (مَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) فيما نسجته فى الوهن والخور بل ذلك أوهن من هذا لأن له حقيقة وانتفاعا فى الجملة أو مثلهم بالإضافة إلى الموحد كمثله بالإضافة إلى رجل بنى بيتا من حجر وجص والعنكبوت يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث والغالب فى الاستعمال التأنيث وتاؤه