(فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٣) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ(١٥) قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (١٦)
____________________________________
فقرره فى يدها وأجرى عليها فرجعت به إلى بيتها من يومها وذلك قوله تعالى (فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها) بوصول ولدها إليها (وَلا تَحْزَنَ) بفراقه (وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ) أى جميع ما وعده من رده وجعله* من المرسلين (حَقٌّ) لا خلف فيه بمشاهدة بعضه وقياس بعضه عليه (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن الأمر كذلك فيرتابون فيه أو أن الغرض الأصلى من الرد علمها بذلك وما سواه تبع وفيه تعريض بما فرط منها حين سمعت بوقوعه فى يد فرعون (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) أى المبلغ الذى لا يزيد عليه نشؤه وذلك من ثلاثين إلى أربعين سنة فإن العقل يكمل حينئذ وروى أنه لم يبعث نبى إلا على رأس الأربعين (وَاسْتَوى) أى اعتدل قده أو عقله (آتَيْناهُ حُكْماً) أى نبوة (وَعِلْماً) بالدين أو علم الحكماء والعلماء وسمتهم قبل استنبائه فلا يقول ولا يفعل ما يستجهل فيه وهو أوفق لنظم القصة لأنه تعالى استنبأه بعد الهجرة فى المراجعة (وَكَذلِكَ) ومثل ذلك الذى فعلنا بموسى وأمه (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) على إحسانهم (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ) أى مصر من قصر فرعون وقيل منف أو حابين أو عين شمس من نواحيها (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) فى وقت لا يعتاد دخولها أو لا يتوقعونه فيه قيل كان وقت القيلولة وقيل بين العشاءين (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ) أى ممن شايعه على دينه وهم بنو إسرائيل (وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) أى من مخالفيه دينا وهم القبط والإشارة على الحكاية (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ) أى سأله أن يغيثه بالإعانة كما ينبىء عنه تعديته بعلى وقرىء استعانه (عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى) أى ضرب القبطى بجمع كفه وقرىء فلكزه أى فضرب به صدره (فَقَضى عَلَيْهِ) فقتله وأصله أنهى حياته من قوله تعالى (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ (قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) لأنه لم يكن مأمورا بقتل الكفار أو لأنه كان مأمونا فيما بينهم فلم يكن له اغتيالهم ولا يقدح ذلك فى عصمته لكونه خطأ وإنما عده من عمل الشيطان وسماه ظلما واستغفر منه جريا على سنن المقربين فى استعظام ما فرط منهم ولو كان من محقرات الصغائر (إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) ظاهر العداوة والإضلال (قالَ) توسيطه بين كلاميه صلىاللهعليهوسلم لإبانة ما بينهما من المخالفة من حيث إنه مناجاة