(قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (١٧) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩) وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) (٢٠)
____________________________________
ودعاء بخلاف الأول (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) أى بقتله (فَاغْفِرْ لِي) ذنبي (فَغَفَرَ لَهُ) ذلك (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أى المبالغ فى مغفرة ذنوب عباده ورحمتهم (قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) إما قسم محذوف الجواب أى أقسم بإنعامك على بالمغفرة لأتوبن (فَلَنْ أَكُونَ) بعد هذا أبدا (ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) وما استعطاف أى بحق إنعامك على اعصمنى فلن أكون معينا لمن تؤدى معاونته إلى الحرم وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام لم يستثن فابتلى به مرة أخرى وهذا يؤيد الأول وقيل معناه بما أنعمت على من القوة أعين أولياءك فلن أستعملها فى مظاهرة أعدائك (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ) يترصد الاستقادة أو الأجناد (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) أى يستغيثه برفع الصوت من الصراخ (قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) أى بين الغواية تسببت لقتل رجل وتقاتل آخر (فَلَمَّا أَنْ أَرادَ) موسى (أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما) أى لموسى وللإسرائيلى إذ لم يكن على دينهما ولأن القبط كانوا أعداء لبنى إسرائيل على الإطلاق وقرىء يبطش بضم الطاء (قالَ) أى الإسرائيلى ظانا أنه عليه الصلاة والسلام يبطش به حسبما يوهمه تسميته إياه غوبا (يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ) قالوا لما سمع القبطى قول الإسرائيلى علم أن موسى هو الذى قتل ذلك الفرعونى فانطلق إلى فرعون فأخبره بذلك وأمر فرعون بقتل موسى عليهالسلام وقيل قاله القبطى (إِنْ تُرِيدُ) أى ما تريد (إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ) وهو الذى يفعل كل ما يريده من الضرب والقتل ولا ينظر فى العواقب وقيل المتعظم الذى لا يتواضع لأمر الله تعالى (وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) بين الناس بالقول والفعل (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) أى كائن من آخراها أو جاء من آخرها (يَسْعى) أى يسرع صفة لرجل أو حال منه على أن الجار والمجرور صفة له لا متعلق بجاء فإن تخصصه يلحقه بالمعارف قيل هو مؤمن آل فرعون واسمه حزقيل وقيل شمعون وقيل شمعان (قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) أى يتشاورون بسببك فإن كلا من المتشاورين بأمر الآخرين ويأتمر (فَاخْرُجْ) أى من المدينة (إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) اللام للبيان*