(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢٥)
____________________________________
عليه الصلاة والسلام زاحمهم فى السقى لهما فوضعوا الحجر على البئر لتعجيزه عليه الصلاة والسلام عن ذلك فإن الظاهر أنه عليه الصلاة والسلام غب ما شاهد حالهما سارع إلى السقى لهما وقد روى أنه دفعهم عن الماء إلى أن سقى لهما وقيل كانت هناك بئر أخرى عليها الصخرة المذكورة وروى أنه عليه الصلاة والسلام سألهم دلوا من ماء فأعطوه دلوهم وقالوا استق بها وكان لا ينزعها إلا أربعون فاستقى بها وصبها فى الحوض ودعا بالبركة وروى غنمهما وأصدرهما (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ) الذى كان هناك (فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ) * أى أى شىء أنزلته إلى (مِنْ خَيْرٍ) جل أو قل وحمله الأكثرون على الطعام بمعونة المقام (فَقِيرٌ) أى محتاج* ولنضمنه معنى السؤال والطلب جىء بلام الدعامة لتقوية العمل وقيل المعنى لما أنزلت إلى من خير عظيم هو خير الدارين صرت فقيرا فى الدنيا لأنه كان فى سعة من العيش عند فرعون قاله عليه الصلاة والسلام إظهارا للبجح والشكر على ذلك (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما) قيل هى كبراهما واسمها صفوراء أو صفراء وقيل صغراهما واسمها صفيراء أى جاءته عقيب ما رجعتا إلى أبيهما روى أنهما لما رجعتا إلى أبيهما قبل الناس وأغنامهما حفل بطان قال لهما ما أعجلكما قالتا وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا فقال لإحداهما اذهبى فادعيه لى وقوله تعالى (تَمْشِي) حال من فاعل جاءت وقوله تعالى (عَلَى اسْتِحْياءٍ) متعلق بمحذوف هو حال* من ضمير تمشى أى جاءته تمشى كائنة على استحياء فمعناه أنها كانت على استحياء حالتى المشى والمجىء معا لا عند المجىء فقط وتنكير استحياء للتفخيم قيل جاءته متخفرة أى شديدة الحياء وقيل قد استترت بكم درعها (قالَتْ) استئناف مبنى على سؤال نشأ من حكاية مجيئها إياه عليه الصلاة والسلام كأنه قيل فماذا* قالت له عليه الصلاة والسلام فقيل قالت (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا) أى جزاء سقيك لنا أسندت الدعوة إلى أبيها وعللتها بالجزاء لئلا يوهم كلامها ريبة وفيه من الدلالة على كمال العقل والحياء والعفة مالا يخفى روى أنه عليه الصلاة والسلام أجابها فانطلقا وهى أمامه فألزقت الريح ثوبها بجسدها فوصفته فقال لها امشى خلفى وانعتى لى الطريق ففعلت حتى أتيا دار شعيب عليهماالسلام (فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) أى ما جرى عليه من الخبر المقصوص فإنه مصدر سمى به المفعول كالعلل (قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الذى يلوح من ظاهر النظم الكريم أن موسى عليهالسلام إنما أجاب المستدعية من غير تلعثم ليتبرك برؤية شعيب عليهالسلام ويستظهر برأيه لا ليأخذ بمعروفه أجرا حسبما صرحت به ألا يرى إلى ما روى أن شعيبا لما قدم إليه طعاما قال إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بطلاع الأرض ذهبا ولا نأخذ على المعروف ثمنا ولم يتناول حتى قال شعيب عليهالسلام هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا فتناول بعد ذلك على سبيل التقبل لمعروف مبتدأ كيف لا وقد قص عليه قصصه وعرفه أنه من بيت النبوة